سؤال العراقي وقوله: " فإنه يقرأ غير مؤلف" دالٌ دلالة بينة على أن مناط الطلب هو الوقوف على ترتيب السور وتأليفها وليس ترتيب الآيات، فإن ترتيب الآيات لم يثبت أنّ مسلما واحدًا يجرؤ على أن يقرأ آيات القرآن الكريم على وفق ترتيب نزولها تعبدًا ولا سيّما في الصلاة، ولكن الذي يمكن أن يقع أن يقرأ مسلم سورة قبل سورة
وجواب أم المؤمنين رضِيَ الله عنْها دال على أنَّها دلته على أنّه لايقع عليه ضرر أي ضررٌ يخرجه من مقام الطاعة لله رب العالمين أو يلبس عليه فقه المعنى الجمهوري الإيمانيّ إذا ما قرآ سورة قبل سورة أخرى، وإن كانت المؤخرة سابقة في الترتيب النزولي أو الترتيب الترتيلي، فإنَّ المعاني المأخوذة من فقه ترتيب السور معانٍ إحسانية تعلو المعاني الجمهورية الإيمانية، فقالت له رَضِي اللهُ عنها:
" وما يضُرُّك أيَّهُ قرأت قَبْل"ُ أي في سياق ترتيب السور، وليس في سياق ترتيب الآيات؛ لأنَّه لاريب أنَّه إذا ما قرأ آية من قبل التي هي قبلها في نسق التلاوة سيقع عليه ضرر عظيم في فقه المعنى الجمهوري الإيماني الذي هو هدى للناس.
ثُمَّ قالت له: إنّما نزل أوَّل ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام"
فهذا منها دال دلالة بينة على أن النزول كان على وفق ما يقتضيه منهاج التربية والتثقيف النفسيِّ والقلبيِّ للأمة والأخذ بأيدي النَّاس إلى ما هو اليسير عليهم والتصاعد بهم في مدارج الطاعة والقرب:
" ولو نزل أوّل شيءٍ: لاتشربوا الخمر لقالوا: لاندع الخمر أبدًا، ولو نزل: لاتزنوا لقالوا: لاندع الزنا أبدا"


الصفحة التالية
Icon