فلو كان قد جمع بين الدفتين كله وسارت به الركبان وتناقلته الأيدي في البقاع والبلدان ثم قد نسخ بعضه ورفعت تلاوته لأدَّى ذلك إلى اختلاف أمر الدين ووجود الزيادة والنقصان فيه، وأوشك أنْ تنتقض به الدَّعوة، وتتفرق فيه الكلمة، وأن يجد الملحدون السبيل إلى الطعن عليه والتشكيك فيه، فأبقاه الله - سبحانه وتعالى - على الجملة التي أنزل عليها من التفريق في ظروفِه وحفظه من التبديل والتغيير إلى أنْ ختم الدين بوفاة رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، ثُمّ قيض لخلفائه الراشدين عند الحاجة إليه جمعَهُ بين الدفتين، ويسّرلهم حصرَه كلَّه باتفاق من إملاء الصحابة وإجماعٍ من آرائهم حين لم يكن بقي للنسخ منه مرتقب، ولا شيء من أحكامه متعقب " (١)