وأنت إذ تنظر في بيان هذه الآية الجليلة لا تجدها قائمة من جملة واحدة مخبر فيها عن المسند إليه بخبرين معطوف ثانيهما على أولهما بل قائما من جملتين عطفت الثانية على الأولي، وبنيت كلٌّ منهما على المسند إليه المؤكد المدلول عليه بنون العظمة (إنّا) مع توكيده في الأولى المخبرة عن الله - سبحانه وتعالى - بتفرد الإنزال بقوله (نحن) من دون الثانية المخبرة عن الله - سبحانه وتعالى - باختصاص حفظه بالذكر الحكيم ففي كلّ اختصاص: في الأولى اختص نفسه بإنزله، فلم ينزل القرآن الكريم غيره، فهو من قصر الصفة على الموصوف: قصر إنزال القرآن الكريم عليه - سبحانه وتعالى -
وفي الأخرى قصر حفظه تعالى على القرآن الكريم أي ما تكفلنا بحفظ كتاب مما أنزلنا من الكتب السماوية إلا بحفظ الذكر الحكيم، أي أنَّ قصر حفظه على كونه واقعا على القرآن الكريم دون غيره، فهو على منهاج " ما استمعت إلا لمحمدِ " فهو من قصر الموصوف على الصفة، فاجتمع للقرآن الكريم أمران:
الأول أنه لم ينزله غير الله - سبحانه وتعالى -
والآخر: أنه المخصوص بحفظ الله - سبحانه وتعالى - له من دون غيره من الكتب السماوية السابقة عليه التى منيت بالتحريف على أيدي أتباع من أنزلت عليهم.