" سئل النبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا:"أيّ العمل أفضل؟ قال الحالّ المرتحل. قيل: وما الحلّ المرتحل؟
قال: صاحب القرآن يضربُ من أوّل القُرآن إلى آخره ومن آخره إلى أوّله كلما حل ارتحل" (سنن الدارمي: فضائل القرآن)
ومن ثَم فإنَّ "البقاعيَّ" سعى إلى ّ رَدِّ تسعِ سورٍ من القرآن الكريم من آخره إلى تسعِ سورٍ من أولِه، وهو بذلك يتجاوزُ بأسلوب رد العجز على الصدر ماهو عند البلاغيين، فيجعله شاملا بناء السورة بل بناءَ القرآن الكريم كلِّه.
وهو في ختام سورة " قريش" يبدأ النظر في رد تسع سور من آخر القرآن الكريم تلاوة على تسع سور من أوله ترتيلا، قائلا:
((وكما التقَى آخرُ كلِّ سورةٍ مع أولها، فكذلك التقى آخر القرآن العظيم بأوله بالنسبة إلى تسع سور هذه أولها إذا عددت من الآخر إليها، فإنَّ حاصلها المَنُّ على " قريش" بالإعانة على المتجر إيلافًا لهم بالرحلة فيه والضرب في الأرض بسببه واختصاصه بالأمر بعبادة الذي مَنَّ عليهم بالبيت الحرام وجلب لهم به الأرزاق والأمان
. ومن أعظم مقاصد التوبة المناظرة لها بكونها التاسعة من الأول البراءة من كلّ مارق، وأنَّ فعل ذلك يكون سببًا للألفة بعد ما ظنَّ أنَّه سببٌ للفرقة، وذكر مناقب البيت ومن يصلح لخدمته، والفوز بأمنه ونعمته، والبشارة بالغنى على وجه اعظم من تحصيله بالمتجر وأبهى وأبهر وأوفى وأوفر وأزهى وأزهر وأجلّ وأفخر بقوله تعالى:
﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ (التوبة: ١٧)
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: من الآية٢٨)


الصفحة التالية
Icon