وختم بالإشارة إلى أنّ عمدة ذلك الجهادُ الذي لذوي الغِيّ والعنادِ، والاعتماد فيه على مالك الملك وملك العباد، وذلك هو طريقُ أهلِ الرشادِ والهداية والسداد.
والله - سبحانه وتعالى - هو الموفق للصواب)) (١)
بهذا التخليص المحيط بما هو مرتكزات رئيسة ترتكز عليها سورة البقرة وتقوم عليها قياما يحقق لها إعجازها في ترتيب معاني الهدى فيها على نحو يجعل منها سنام القرآن الكريم وفسطاطه وذروته.
وقد كان البقاعي مدركا حسن التقسيم وبديعه للمعاني الكلية التى قامت منها سورة البقرة ومدركا لمنهاج القرآن الكريم في تقسيمه الأحكام والآداب العلية التى احتوتها سنام القرآن الكريم ومنهاج السورة في افتتاح كل قسم واختتامه.
***
وننظر في سورة أخرى من سور ' المئين " من بعد نظرنا في سورة من " الطول " ننظر في تبيانه مقصود سورة " النحل"
يقول: " مقصودها الدلالة على أنّه - سبحانه وتعالى - تام القدرة والعلم فاعل بالاختيار منزه عن شوائب النقص " ((٢)
ثُمَّ يضيف تصريحا بالتدليل على الوحدانية التي أبان عنها إجمالا بقوله (منزه عن شوائب النقص) وأوَّل وأكبر شوائب النقص الشرك، فمن كان له شريك كان غير منزه عن رأس شوائب النقص، ولعلَّ البقاعيّ لم يصرح بالوحدانية أولا في تحقيق مقصود السورة وهو كثير المراجعة لتأويله إشارة منه إلى أنّ الوحدانية ملزوم ما صرح به من كمال علمه وقدرته واختياره وتنزهه عن شوائب النقص، والتصريح باللوازم يلزمه العلم بالملزوم، ومن سلّم باللازم وجب عليه التسليم بالملزوم لا محالة: من سلم لك بأنَّ فلانا يتحرك وجب عليه التسليم بأنَّه حيّ، فالحياة ملزوم الحركة، وهذا منهاج من مناهج الإلزام بالحقيقة.

(١) - نظم الدرر: ٤ /١٩٢ -١٩٤
(٢) - نظم الدرر" ١١ /١٠١


الصفحة التالية
Icon