المهم أنَّ في التسمية مايُغْرِي بأنَّه قد تكونُ هنالك وشيجة نسب بين معنى الاسم ومقصود ما سميت به من السور، فجدير بنا النظر فيها ولا سيّما أنَّ تسمية غير قليل من السور لاتصلح أن تعلَّلَ بأنّها سميت بذلك لذكره فيها، وإلاَّ ما وجه تسمية السورة التالية للتوبة بـ" يونس" - عليه السلام -، وقد ذكرت قصته في غيرها بأبسط مما ذكرت فيها؟ ولِمَ لَمْ تُسمَّ واحدة من السور باسم "موسى" - عليه السلام -، وهو من أكثر الأنبياء ذكرًا لقصته مع بني إسرائيل؟ ولِمَ لَمْ تُسَمَّ سورة " بني إسرائيل: الإسراء" بموسى"؟ بل لِمَ لَمْ تُسَمَّ سورة القصص بـ"موسى" - عليه السلام - وهي التى بُسِطتْ فيها قصته وذكر فيها من أخباره ما لم يذكر في غيرها، ولم يذكر من قصص الأنبياء فيها غير قصته، وما جاء من قصة قارون فيها فإن قارون كان من قوم موسى - عليه السلام -، فهذا دالٌّ دلالة بينة على أن أمر التسمية ليس مرده مجرد ذكر الاسم في تلك السورة.
المُهِمُّ أنَّ البقاعيّ ذو عناية بذكر اسم السورة أو أسمائها إن تعددت، وفي تعددها دلالة على عظيم فضلها واتساع مقصودها، فهو يذكر لنا أسماء سورة الفاتحة:
" فالفاتحة اسمها "أم الكتاب "و"الأساس" و"المثاني" و"الكنز" و"الشافية" و"الكافية" و"الوافية" و"الرُّقية" و"الحمد" و"الشكر" و"الدعاء" و"الصلاة.
ويبين علاقة مقصود الفاتحة: " مراقبة العباد لربهم؛ لإفراده بالعبادة"، فيقول:
" مدار هذه الأسماء كما ترى على أمرٍ خفيٍّ كافٍ لكلّ مراد، وهو المراقبة التى سأقول إنها مقصودها، فكلّ شيءٍ لايفتتح بها لااعتداد به، وهي كنز لكل شيءٍ، شافية لكلّ همّ، وافية بكلّ مرام، واقية من كلّ سوء، رُقية لكل ملمّ، وهي إثبات للحمد الذي هو الإحاطة بصفات الكمال، وللشكر الذي هو تعظيم المنعم، وهي عين الدعاء، فإنَّه التوجه إلى المدعو وأعظم مجامعها الصلاة " (١)