فهو كما سمعت أبرز معنى كلّ اسم من أسمائها من خلال مقصودها الأعظم الذي هو في الحقيقة المقصود الأعظم للقرآن الكريم.
التَّأمُّلُ في معنى الاسم يهدي إلى إبصار ملمح من ملامح مقصود السورة، فإذا ما استجمعت تلك الملامح ونسقتها واستبصرت فيها معنى كلّيًا تدور عليه كنت على مقربة من تحقيق المقصود الأعظم للسورة.
ويقول في سورة "يونس" - عليه السلام - موضحا وجه اختصاص هذه السورة بهذا الاسم، واختصاص قصة "يونس" - عليه السلام - بأن تكون عنوان السورة على الرغم من أنه قد ذكر فيها غيرها من القصص: "نوح"- عليه السلام - (ي: ٧١-٧٤) و"موسى" - عليه السلام - (ي: ٧٥-٩٣) ثم ذكرت آية واحدة في قصة قوم "يونس"- عليه السلام -:
{فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) (يونس: ٩٨)
فيقول: " مقصودها: وصف الكتاب بأنّه من عند الله - سبحانه وتعالى -، لما اشتمل عليه من الحكمة، وأنّه ليس إلا من عنده - سبحانه وتعالى - لأنّ غيره لايقدر على شيءٍ منه، وذلك دالٌّ بلا ريبٍ على أنَّه واحد في ملكه لاشريك له في شيءٍ من أمره.
وتمام الدليل على هذا قصة قوم "يونس" - عليه السلام - بأنهم لمّا آمنوا عند المخايل كشف عنهم، فدلّ قطعا على أنّ الآتي به هو الله الذي آمنوا به إذ لو كان غيره لكان إيمانهم به موجبا للإيقاع بهم، ولو عذبوا كغيرهم لقيل: هذه عادة الدهر، كما قالوا قد مسّ آباءنا الضراء والسراء
ودلّ ذلك على أنّ عذاب غيرهم من الأمم إنّما هو من عند الله - سبحانه وتعالى - لكفرهم لما اتسق من ذلك طردًا بأحوال سائر الأمم من أنّه كلّما وجد الإصرار على التكذيب وجد العذاب، وعكسًا منه كلمَّا انتفى في وقت يقبل قبول التوبة انتفى والله الموفق " (١)

(١) - نظم الدرر: ٩ /٦١ -٦٢


الصفحة التالية
Icon