وتأويل البسملة في كل سورة على غير ما أولت به في السورة الأخرى لم يك من ابتداع "البقاعي".
أنت تلقاه في تفسير " الإمام القشيري: عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك " (ت: ٤٦٥) المسمى: " لطائف الإشارات" وإن اختلف المنهاج التأويلي ومناطه عند كلٍّ.
يقول" القشيري" في بسملة سورة " آل عمران":
" اختلف أهل التحقيق في اسم " الله " هل هو مشتق من معنى أمْ لا؟ فكثير منهم قالوا أنه ليس بمشتقٍّ من معنى، وهو له سبحانه على جهة الاختصاص، يجري في وضعه مجرى أسماء الأعلام في صفة غيره، فإذا قرع بهذا اللفظ أسماع أهل المعرفة لم تذهب فُهُومُهُمْ ولاعلومهم إلى معنى غير وجوده - سبحانه وتعالى - وحقه
وحقُّ هذه المقالة أن تكون مقرونة بشهود القلب، فإذا قال بلسانه " الله " أو سمع بآذانه شهد بقلبه " الله "
وكما لاتدلُّ هذه الكلمة على معنى سوى " الله " لايكون مشهودُ قائلها إلاَّ "الله"، فيقول بلسانه" الله"، ويعلم بفؤاده"الله"، ويعرف بقلبه"الله "، ويحب بروحه" الله "... فلا يكون فيه نصيب لغير"الله " وإذا أشرف أن يكون محوًا في"الله" لـ" الله "بـ"الله" تداركه الحق سبحانه برحمته فيكاشفه بقوله"الرحمن الرحيم"استبقاء لمهجتهم أن تتلف، وإرادة في قلوبهم أن تنقى فالتلطف سنة منه - سبحانه وتعالى - لئلا يفنى أولياؤه بالكلية " (١)
غير خفي أن "القشيري يركز هنا على معانى توحيد الله - جل جلاله - ذكرا وعلما وعبادة وشهودا... إلخ وكأنه يلاحظ معنى التوحيد في سورة "آل عمران" وهو كما ترى يشير إلى أن ذكر اسمه "الرحمن الرحيم" إنما يأتى رحمة بالأولياء من الفناء في بحار تجريد التوحيد. وهذا مخالف لمنهاج البقاعي في تأويل البسملة
ويقول " القشيري " في تأويل بسملة سورة " النساء ":

(١) - لطائف الإشارات للقشيري: ج١ص ٢١٧-٢١٨ - إبراهيم بسيوني - الهيئة المصرية العامة للكتاب


الصفحة التالية
Icon