" اختلفوا في الاسم عن ماذا اشتق، فمنهم من قال إنه اشتق من السمو، وهو العلو، ومنهم من قال إنه مشتق من السِّمة وهي الكيّة.
وكلاهما في الإشارة: فمن قال إنّه مشتق من السُّمو فهو اسمٌ من ذكرَه سمتْ رتبته ومن عرفه سمت حالته ومن صحبه سمت همته؛ فسموّ الرتبة يوجب وفور المثوبات والمَبَارّ، وسموالحالة يوجب ظهور الأنوار في الأسرار، وسمو الهِمَّة يوجب التحرز عن رِقِّ الأغيارِ.
ومن قال أصله من السّمة فهو اسمٌ من قصده وُسِمَ بسِمة العبادة، ومن صحبه وُسِمَ بِسِمَةِ الإرادة، ومن أحبّه وُسِمَ بسِمة الخواصّ، ومن عرفه وُسِمَ بِسِمَةِ الاختصاص، فسِمة العبادة توجب هيبة النَّار أنْ ترمي صاحبها بشررها، وسمة الإرادة توجب حشمة الجِنان أنْ تطمع في استرقاق صاحبها مع شرف خطرها، وسِمَة الخواص توجب سقوط العُجْبِ من استحقاق القربة للماء والطينة على الجملة، وسمة الاختصاص توجب امتحاء الحكم عند استيلاء سلطان الحقيقة.
ويقال اسمٌ مَنْ واصله سما عنده عن الأوهام قدرُه سبحانه، ومن فاصله وُسِم بكيّ الفرقة قلبه " (١)
"القشيري" كما تراه جعل مناط التأويل في بسملة "النساء" اشتقاق كلمة "الاسم" والدلالة الإشارية لهذا الاشتقاق، وكأنّى به يلحظ في هذا معنى اشتقاق الذرية من الأرحام ويلحظ معنى قول الله - سبحانه وتعالى -:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: ١)
فتناسل المعاني من أصل الاشتقاق يقيم بينها رحمًا دلالية كمثل الرحم القائمة بين ذرية أبينا آدم - عليه السلام -