وأنت إذا ما نظرت في تأويله بسملة سورة "الحجر" سمعته يقول: "سقطت ألف الوصل من كتابة "بسم الله"، وليس لإسقاطها علة، وزيد في شكل "الباء" من "بسم الله" وليس لزيادتها علة؛ ليعلم أنَّ الإثبات والإسقاط بلا علّة؛ فلم يقبلْ مَنْ فبلَ لاستحقاق علة، ولا ردَّ من ردَّ لاستيجاب علّة.
فإنْ قيل: العِلّة في إسقاط الألف من "بسم الله" كثرة الاستعمال في كتابتها أُشْكِلَ بأنَّ"الباء"من"بسم الله" زيد في كتابتها وكثرة الاستعمال موجودة
فإنْ قيل: في زيادة شكل "الباء" بركة أفضالِها أشْكلَ بحذف ألف الوصل؛ لأنّ الاتصال بها موجود. فلم يبق إلاَّ أنَّ الإثباتَ والنَّفيَ ليسَ لهما عِلّةٌ يرقع من يشاء ويمنع من يشاء " (١)
جعل مناط التأويل هنا الجانب الكتابي للبسملة: إسقاط حرف وزيادة في شكل حرفٍ آخر متجاورين، ملاحظا انتفاء العلة المعقولة عربيةً بحيث يتحقق المعلول حيث تتحقق العلة وبين أنَّ الأمر إنَّما هو لمطلق المشيئة الإلهية، وأنه ليست هناك عِللٌ تكون المعلولات بكونها، بل هنالك أسباب تكون المسببات عندها وليس بها، وفرق بين أن يكون الشيء بالشيء وأن يكون عنده، وكأنِّي به في اختياره الإشارة إلى هذا المعنى في تأويل بسملة سورة الحجر ناظر إلى قوله - عز وجل - فيها:
﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ (الحجر٢١)
وكأنّ هذه الآية هي الآية الأمّ والآية المحور التى عليها مدار المعنى القرآني الكريم في سورة الحجر.
المُهِمُّ أنَّ تأويل بسملة كل سورة على غير تأويل بسملة الأخري منهاج قد جاء به بعض أهل العلم من قبل "البقاعي" ولِكُلٍّ سنتُه في التأويل، والذي يُؤخذُ من هذا كلّه أن الآخذين بتلك السنة في التأويل ينزعون من أمر له قدره في الفقه البياني للخطاب: