من العلائق ما هو من التناظر، ومنه ما هومن التناصر ومنه ما هو من التعاطف، فعلائق المعاني تتنوع وتتنوع أدواتها، ولو أنَّا نظرنا في المصطلح البلاغي واللغوي في مجال علاقات المعاني ببعضها لنرى ما بينها من فروق دلالية وما بينها من تنوّع وما تتلاقى عليه لكان في هذا إثراءٌ لفقه علائق البيان، فنختار لكل ضرب من ضروب العلائق بين المعاني مصطلحه الأخص به والأشكل.
المهم أنَّ "البقاعيّ" ينقل عن "الحرَّاليّ":
" أنَّ في كلِّ آيةٍ معنى تنتظم به بما قبلها ومعنى تتهيَّأُ به للانتظام بما بعدها، وبذلك كان انتظام الآي داخلاً في معنى الإعجاز الذي لايأتي الخلق بمثله، ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرًا " (١)
ومن ثَمَّ فإنَّا نرى البقاعي يجعل النظم في البيان القرآني نظمين: نظمًا تركيبيًّا ونظمًا ترتيبيًّا، يقول:
" إنّ للإعجاز طريقين: أحدهما نظم كلّ جملة على حيالها بحسب التركيب
والثاني: نظمها مع أختها بالنظر إلى الترتيب
والأول أقرب تناولا، وأسهلُ ذوقًا، فإنَّ كلَّ من سمع القرآن... يهتز لمعانيه وتحصلُ له عند سماعه روعة بنشاط ورهبة مع انبساط لا تحصل عند سماع غيره، وكلَّما دقَّق النَّظر في المعنى عظم عنده موقع الإعجاز، ثُمَّ إذا عَبَرَ الفَطِنُ من ذلك إلى تأمل ربط كلّ جملة بما تلته وما تلاها خفي عليه ذلك ورأى أنَّ الجمل متباعدة الأغراض متنائية المقاصد، فظنَّ أنَّها متنافرة، فحصل له من القبض والكرب أضعاف ما حصل له بالسماع من الهزِّ والبسط....