﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة: ٦٢)
في سياق قصص بني إسرائيل:
" ولمَّا بيّن - سبحانه وتعالى - أنَّهم لمَّا تعنتوا على موسى - عليه السلام -... أورثهم كفرًا في قلوبهم، فمردوا على العصيان، والتجرؤ على مجاوزة الحدود، فضربَ عليهم الذِّلَّةُ والمسكنة، وأحلهم الغضب
وكان في ذلك تحذيرٌ لمن طلب سلوك ذلك الصراط المستقيم من حالهم، وإعلامٌ بأنَّ المتقين المستجاب لهم في الدّعاء بالهداية ليسوا في شيءٍ من ذلك بل قالوا: اهدنا، عن يقين وإخلاصٍ متبرئينَ من الدَّعاوى والاعتراض على الرسلِ نبَّه على أنَّ من عملَ ضدَّ عملهم، فأمن منهم أو من غيرهم من جميع الملل كان على ضدّ حالهم عند ربهم، فلا يغضبُ عليهم، بل يوفيهم أجورهم، ويورثهم الأمن والسرور المتضمنين لضدِّ الذِّلَّةِ والمسكنة، فقال: {إنَّ الَّذِين آمنوا﴾
أو يقال: إنَّه - سبحانه وتعالى - لمَّا علَّل إهانةَ بني إسرائيلَ بعصْيانِهم واعتدائهم كان كأنَّه قيل: فما لِمَنْ أطاعَ؟ فأُجيبَ بجواب عامٍ لهم ولغيرهم.
أو يقال: إنَّه لمَّا أخبرَ - سبحانه وتعالى - بأنهم ألزموا الخزي طوق الحمامة، وكان ذلك ربَّما أوْهَمَ أنَّه لاخلاصَ لهم منه، وإن تابوا، وكانت عادته - سبحانه وتعالى - جاريةً بأنَّه إذا ذكروعدًا أوْ وعيدًا أعقبه حكمَ ضدّه؛ ليكون الكلام تامًّا، اعلموا أنَّ باب التوبة مفتوح، والربُّ كريم على وجه عامٍّ "