" ولمَا علم بذلك أمر القيوم سبحانه وتعالى بالحق والإيمان علم أنّ لمخالفي أمره من الأضداد المؤمنين الموصوفين، وهم الكفرة المدعو بخذلانهم المنزّل الفرقان لمحو أديانهم – الويل والثبور، فاتصل بذلك بقوله - عز وجل - ﴿إنّ الذين كفروا﴾.....
والآية على تقدير سؤال ممن كأنّه قال: ماذا يفعل بمن أعرض عن الكتب الموصوفة؟
أويقال: إنّه لمَّا قال: ﴿وأنزل الفرقان﴾ أي الفارق بين الحق والباطل من الآيات والأحكام عليك وعلى غيرك من الأنبياء لم يبق لأحد شبهة فقال: " والأحسن من ذلك كلّه أنّه - سبحانه وتعالى - لما أنزل سورة " البقرة" على طولها في بيان أنّ الكتاب هدى للمتقين، وبيّن أول هذه وحدانيته وجياته وقيوميته الدَّالة على تمام العلم وشمول القدرة، فأنتج ذلك صدق ما أخبر به - سبحانه وتعالى - أيد ذلك بالإعلام بأنّ ذلك الكتاب مع أنّه هادِ إليه حقٌّ، ودلّ على ذلك لمصادقته لما قبله من الكتب" (١)
ونراه يذكر أكثر من وجه في عطف الآية على غيرها إشارة إلى تعدد وجوه الاعتلاق وأنها صالحة للتلاقي والتناسل من أكثر من آية سابقة عليها سواء قاربتها موقعا أو باعدتها
ترى ذلك في تبيان المعطوف عليه في قول الله - سبحانه وتعالى -:
﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ﴾ (البقرة: ٩٩)