) وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (النحل: ٦٥) على قول الله - سبحانه وتعالى - ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ﴾ (النحل: ١٩)
يقول: " ولمَّا انقضى الدليلُ على أنَّ قلُوبهم منكرة استكبارًا وما يتعلّقُ به، وختمه بما أحيا به القلوب بالإيمان والعلم بعد موتها بالكفر والجهل، وكان المقصود الأعظم من القرآن تقرير أصول أربعة:
الإلهيات، النبوات، والمعاد، وإثبات القضاء والقدروالفعل بالاختيار
وكان أجلُّ هذه المقاصد الإلهيات شرع في أدلة الوحدانية والقدرة والفعل بالاختيار المستلزم للقدرة على البعث على وجه غير المتقدم ليعلم أنَّ أدلة ذلك أكثر من أوراق الشجر، وأجلى من ضياء النهار، فعطف على قوله - سبحانه وتعالى - ﴿واللهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرّون وَما تُعْلِنُونَ﴾ قولا جامعا في الدليل بين العالم العلوي والعالم السفلي ﴿واللهُ أنْزَلَ من السَّماء ماءً... ﴾ " (١)
وهذا قائم على أساس ما يعرف عند البلاغيين بعطف القصة على القصة وهو منهاج من مناهج علاقات المعاني ببعضها، والبقاعي نفسه مؤكد ان منهاج العلائق بين المعاني في السورة القرآنية كمهاج علاقات فروع وأغصان وافنان الشجرة.
والقول في علاقة الآيات بعضها ببعض وسيع لايكاد يحاط به، وهو مبنيّ على ما إجمع عليه أهل العلم من أن ترتيب الآيات توقيف جاء به الوحي، فليس لأحد من العالمين أجمعين: ملَكًا أو نبيًّا دخل فيه، فأنت لاتكاد تجد واحدًا ينتسب إلى العلم يزعم أنَّ ترتيب الآيات في السورة اجتهاد من صحابي أو نبيّ أو مَلَكٌ.