ومن لطيف وبديع البيان النبوي أنَّ ما يكون فيه تجديد العلماء المبعوثين على رأس كل مئة سنة سمَّاه " دينًا " أي تديّنًا.
في هذا إشارة نبوية إلى أنَّ ما يكون من العلماء في فهم الدين (النَّصِّ/ الخطاب الإلهي والنبويّ للأمّة) هو من الدَّين (التَّدين) وليس شيئا خارجا عن الكتاب والسنة بل هو شيءٌ خارج منهما، فاجتهاد العالم في فهم الكتاب والسنة وفق أصول الفهم الصحيح لهما هو من الكتاب والسنة، فعَلى الأمّة ألاَّ تطمَئِنَّ إلى اجتهادٍ إلاَّ إذا كان من عالمٍ بالكتاب والسنَّة وطرائق فقههما، وأن يكونَ اطمئنانُها إلى ما جاء عن مجامعِ أهلِ العِلْمِ أقوى من اطمئنانها إلى ما جاءت به الغرائب والفرائد من اجتهادات فردية، فنحن اليوم في سياق الاجتهاد الجَمْعِىِّ الذي يتظاهر ويتعاون عليه جمعٌ من أهل العلم المتخصصين المخلصين، فإنَّ في اجتماعهم وتشاورهم وتناصحهم مأمنًا من العثرة، ومن إغواء شيطان أو جرأة سلطان.
وفي هذا أيضًا هديٌ نبويٌّ للأمّة أنَّ ما يأتي به العلماءُ من اجتهاد في فقه وفهم الكتاب والسنّة وفقَ أصولِ الفقه والفهم عن الله رب العالمين وعن رسوله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إنَّما فيه خير هذه الأمة، وأنّ عليها أن تقبل على هذا الخير وأن تشكر الله - عز وجل - على أنْ أقام فيها من يجدد لها فقهها وفهمها لكتابه وسنة نبيه - ﷺ -، فيكون من ذلك التجديد في الفقه والفهم تجديد التدين بالكتاب والسنة
وفي هذا هدْيُ نبويٌّ للأمة – أيضًا – أن ترعى لعلماء الكتاب والسنة العاملين بهما حقّهم، فلا يعتدى على أعراضهم وسيرهم، ولا يسمع لمقال مفسد يرمى بإفكه في آذان الدهماء بما يجرح صور علماء الأمة في أفئدة أبنائها، فيرغبون عنهم إلى غيرهم من الذين يتكسبون عرض الدنيا بالقول في كتاب الله - عز وجل - وسنة نبيه - ﷺ -