خرَّج أبو الشَّيخ بإسنادِهِ عن أنسٍ عن النبيِّ - ﷺ - أنَّه قال: «إذا وَضَعَ العبدُ جَنْبَهُ على فراشِهِ، فقال: بسم الله، وقرأ فاتحة الكتابِ = أمِنَ مِنْ شرِّ الجِنِّ والإنسِ، ومِنْ كُلِّ شيءٍ، وهي تعدِلُ ثُلُثَ القرآن».
وفي «معجم الطَّبرانيِّ الأوسَطِ» بسَندِه عن ابنِ عبَّاسٍ يَرفعُه إلى النبي - ﷺ -: «مَن قرأ أمَّ القرآن و ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، فكأنَّما قرأ ثُلُثَ القرآن»(١).
تفرّدَ به الواسِطيُ.
ورَوى عبدُ بنُ حُميدٍ في «مسنده» بسَندِه عن ابنِ عبَّاسٍ مَرفوعًا قال: «فاتحةُ الكتابِ تعدل بثلثي القرآن»(٢).
الفضيلةُ الثامنة: أنَّ قراءةَ الفاتحةِ يَحصُلُ بها كمالُ الصَّلاةِ وقبولُها، وبدونِها تكون الصَّلاةُ خِِدَاجًا ناقصةً غيرَ تمام، بل لا تكون الصَّلاةُ مجزيةً مَقبولةً بدُونِ تِلاوَتِها، فإذا تُليت في الصَّلاةِ صارت الصَّلاةُ تامةً مجزيةً، وقد ورَد أنَّ الملائكةَ يُصَلُّوُنَ بها كما يُصَلِّي بها أهلُ الأرض.
ويتصل الكلامُ في هذا بـ
* * *
الفصل الخامس
وهو: أحكامُ الفاتحة
فمِن أحكامِها: أنَّ قراءتهَا في الصَّلاة رُكنٌ من أركان الصَّلاةِ، لا تَصِحُّ بدُونِها في الجُملة، وهذا القول أحدُ قولي العلماءِ، وحكاه التِّرمذيُّ عن أكثرِ الصَّحابَةِ، منهم: عمر وجابر وعمران بن حُصَين(٣)، وهو قولُ أكثرِ السَّلفِ وفقهاءِ أهلِ الحجازِ وأهلِ الحديثِ كابنِ عَونٍ وابنِ المباركِ والأوزاعيِّ والشافعيِّ وإسحاقَ وأبي ثورٍ وداودَ، وغيرِهم، وهو الصَّحيحُ عن مالكٍ، وهو مَذهَبُ الإمامِ أحمدَ الذي نقلَه معظمُ أصحابِه الرُّواة عنه، وعليه أهلُ مَذهبِه قاطبةً.
(٢) «المنتخب من مسند عبد بن حميد» (١/٢٢٧-رقم: ٦٧٨).
(٣) «جامع الترمذي» (١/٢٨٨-رقم: ٢٤٧).