الاول: أن " لعل " على بابها من الترجي والتوقع، والترجي والتوقع إنما هو في حيز البشر، فكأنه قيل لهم: افعلوا ذلك على الرجاء منكم والطمع أن تعقلوا وأن تذكروا وأن تتقوا.
هذا قول سيبويه ورؤساء اللسان قال سيبويه في قوله عزوجل: " اذهبا إلى فرعون إنه طغى.
فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى " (١) [ طه: ٤٣ - ٤٤ ] قال معناه: اذهبا على طمعكما ورجائكما أن يتذكر أو يخشى.
واختار هذا القول أبو المعالي.
الثاني - أن العرب استعملت " لعل " مجردة من الشك بمعنى لام كي.
فالمعنى لتعقلوا ولتذكروا ولتتقوا، وعلى ذلك يدل قول الشاعر: وقلتم لنا كفوا الحروب لعلنا * نكف ووثقتم لنا كل موثق فلما كففنا الحرب كانت عهودكم * كلمع سراب في الملا متألق المعنى: كفوا الحروب لنكف، ولو كانت " لعل " هنا شكا لم يوثقوا لهم كل موثق، وهذا القول عن قطرب والطبري.
الثالث - أن تكون " لعل " بمعنى التعرض للشئ، كأنه قيل: افعلوا ذلك متعرضين لان تعقلوا، أو لان تذكروا أو لان تتقوا.
والمعنى في قوله " لعلكم تتقون " أي لعلكم أن تجعلوا بقبول ما أمركم الله به وقاية بينكم وبين النار.
وهذا من قول العرب: اتقاه بحقه إذا استقبله به، فكأنه جعل دفعه حقه إليه وقاية له من المطالبة، ومنه قول علي رضي الله عنه: كنا إذا احمر البأس اتقينا بالنبي صلى الله عليه وسلم، أي جعلناه وقاية لنا من العدو.
وقال عنترة: ولقد كررت المهر يدمى نحره * حتى اتقتني الخيل بابني حذيم قوله تعالى: الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون (٢٢)

(١) راجع ج ١١ ص ١٩٩.
(*)


الصفحة التالية
Icon