ترجمة أبي عبد الله القرطبي مؤلف هذا التفسير (١) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح (بإسكان الراء وبالحاء المهملة)، الانصاري الخزرجي الاندلسي القرطبي المفسر، كام من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين، الورعين الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعنيهم من أمور الاخرة.
أوقاته معمورة ما بين توجه وعبادة وتصنيف.
مؤلفاته - جمع في تفسير القرآن كتابا كبيرا في اثني عشر مجلدا، سماه كتاب " الجامع لاحكام القرآن، والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان " وهو من أجل التفاسير وأعظمها نفعا، أسقط منه القصص والتواريخ، وأثبت عوضها أحكام القرآن، واستنباط الادلة، وذكر القراءات والاعراب والناسخ والمنسوخ (وهو هذا التفسير).
وله كتاب " الاسنى، في شرح أسماء الله الحسنى ".
وكتاب " التذكار، في أفصل الاذكار ".
وضعه على طريقة التبيان للنووي، لكن هذا أتم منه وأكثر علما.
وكتاب " التذكرة، بأمور الاخرة ".
وكتاب " شرح التقصي ".
وكتاب " قمع الحرص بالزهد والقناعة، ورد ذل السؤال بالكتب والشفاعة ".
قال ابن فرحون: لم أقف على تأليف أحسن منه في بابه.
وله " أرجوزة جمع فيها أسماء النبي ﷺ ".
وله تواليف وتعاليق مفيدة غير هذا.
وكان مطرحا للتكلف، يمشي بثوب واحد وعلى رأسه طاقية.
قال صاحب نفح الطيب: إنه من الراحلين
من الاندلس.

(١) عن الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (مذهب مالك) لابن فرحون، ونفح الطيب للمقري.
(*)

عن على رضي الله عنه وخرجه الترمذي قال: سمعت (١) رسول الله ﷺ يقول: " ستكون فتن كقطع الليل المظلم.
قلت يارسول الله وما المخرج منها ؟ قال: كتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أصله الله هو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر
الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع من العلماء ولا يمله الأتقياء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا من علم علمه سبق ومن قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم خذها إليك يا أعور (٢) ".
" الحارث " رماه الشعبي بالكذب وليس بشئ، ولم يبن من الحارث كذب، وإنما نقم عليه إفراطه في حب على وتفضيله له على غيره.
ومن هاهنا - والله أعلم - كذبه الشعبي، لأن الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر، وإلى أنه أول من أسلم.
قال أبو عمر عبد البر: وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني: حدثني الحارث وكان أد الكذابين.
وأسند أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن محمد الأنباري النحوي اللغوي في كتاب " الرد على من خالف مصحف عثمان " عن عبد الله بن مسعود قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل اللع وهو النور المبين والشفاء النافع عصمة من تمسك به ونجاة من اتبعه لايعوج فيقوم ولا يزيغ فيستعيب ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشرة حسنات أما إني لاأقول الم حرف ولا ألفين أحدكم واضعا إحدى رجليه يدع أن يقرأ سورة البقرة فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة وإن أصفر البيوت من الخير البيت الصفر من كتاب الله ".
وقال أبو عبيد في غريبة عن عبد الله قال: إن هذا القرآن مأدبة
(١) ورد هذا الحديث في صحيح الترمذي (ج ٢ ص ١٤٩ طبع بولاق) مع اختلاف في بعض كلماته.
زيادة ونقص.
(٢) قوله: يا أعور: لقب الحارث بن عبد اله المذكور ف يسند هذا الحديث (*)


الصفحة التالية
Icon