ظهر الارض أحد) قال ابن عمر: فوهل (١) الناس في مقالة رسول الله ﷺ تلك
فيما يتحدثون من هذه الاحاديث عن مائة سنة، وإنما قال [ رسول الله ] (٢) عليه الصلاة والسلام: (لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الارض أحد) يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن.
ورواه أيضا من حديث جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله ﷺ يقول قبل أن يموت بشهر: (تسألوني عن الساعة وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما على الارض من نفس منفوسة (٣) تأتي عليها مائة سنة) وفي أخرى قال سالم: تذاكرنا أنها (هي مخلوقة يومئذ).
وفي أخرى: (ما من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ).
وفسرها عبد الرحمن صاحب السقاية قال: نقص (٤) العمر.
وعن أبي سعيد الخدري نحو هذا الحديث قال علماؤنا: وحاصل ما تضمنه هذا الحديث أنه عليه الصلاة والسلام أخبر قبل موته بشهر أن كل من كان من بني آدم موجودا في ذلك لا يزيد عمره على مائة سنة، لقوله عليه الصلاة والسلام: (ما من نفس منفوسة) وهذا اللفظ لا يتناول الملائكة ولا الجن إذ لم يصح عنهم أنهم كذلك، ولا الحيوان غير العاقل، لقوله: (ممن هو على ظهر الارض أحد) وهذا إنما يقال بأصل وضعه على من يعقل، فتعين أن المراد بنو آدم.
وقد بين ابن عمر هذا المعنى، فقال: يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن.
ولا حجة لمن استدل به على بطلان قول من يقول: إن الخضر حي لعموم قوله: (ما من نفس منفوسة) لان العموم وإن كان مؤكد الاستغراق فليس نصا فيه، بل هو قابل للتخصيص.
فكما لم يتناول عيسى عليه السلام، فإنه لم يمت ولم يقتل فهو حي بنص القرآن ومعناه، ولا يتناول الدجال مع أنه حي بدليل حديث الجساسة (٥)، فكذلك لم يتناول الخضر عليه السلام وليس مشاهد للناس، ولا ممن يخالطهم حتى يخطر ببالهم حالة مخاطبة بعضهم بعضا، فمثل هذا العموم لا يتناوله.
وقد قيل: إن أصحاب الكهف أحياء
ويجوز وهل كتعب.
(٢) من ج وى.
(٣) منفوسة: مولودة.
(٤) في ج وى: بعض العمر.
(٥) الجساسة: دابة الارض التي تخرج آخر الزمان وسميت جساسة لتجسسها الاخبار للدجال.
(*)