في ذلك فراهنهم أبو بكر.
قال قتادة: وذلك قبل أن يحرم القمار (١)، وجعلوا الرهان خمس قلائص (٢)
والاجل ثلاث سنين.
وقيل: جعلوا الرهان ثلاث قلائص.
ثم أتى النبي ﷺ فأخبره فقال: (فهلا احتطت، فإن البضع ما بين الثلاث والتسع والعشر ! ولكن ارجع فزدهم في الرهان واستزدهم في الاجل) ففعل أبو بكر، فجعلوا القلائص مائة والاجل تسعة أعوام، فغلبت الروم في أثناء الاجل.
وقال الشعبي: فظهروا في تسع سنين.
القشيري: المشهور في الروايات أن ظهور الروم كان في السابعة من غلبة فارس للروم، ولعل رواية الشعبي تصحيف من السبع إلى التسع من بعض النقلة.
وفي بعض الروايات: أنه جعل القلائص سبعا إلى تسع سنين.
ويقال: إنه آخر فتوح كسرى أبرويز فتح فيه القسطنطينية حتى بنى فيها بيت النار، فأخبر رسول الله ﷺ فساءه ذلك، فأنزل الله تعالى هاتين الآيتين.
وحكى النقاش وغيره: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما أراد الهجرة مع النبي ﷺ تعلق به أبي بن خلف وقال له: أعطني كفيلا بالخطر (٣) إن غلبت، فكفل به ابنه عبد الرحمن، فلما أراد أبي الخروج إلى أحد طلبه عبد الرحمن بالكفيل فأعطاه كفيلا، ثم مات أبي بمكة من جرح جرحه النبي صلى الله عليه وسلم، وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية على رأس تسع سنين من مناحبتهم.
وقال الشعبي: لم تمض تلك المدة حتى غلبت الروم فارس، وربطوا خيلهم بالمدائن، وبنوا رومية، فقمر (٤) أبو بكر أبيا وأخذ مال الخطر من ورثته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (تصدق به) فتصدق به.
وقال المفسرون: إن سبب (٥) غلبة الروم فارس امرأة كانت في فارس لا تلد إلا الملوك والابطال، فقال لها كسرى: أريد أن أستعمل أحد بنيك على جيش أجهزه إلى الروم، فقالت: هذا هرمز أروغ من ثعلب وأحذر من صقر، وهذا فرخان أحد من سنان وأنفذ من نبل، وهذا شهر بزان (٦) أحلم من كذا، فاختر، قال فاختار الحليم وولاه، فسار إلى الروم بأهل فارس فظهر على
(٢) القلائص: جمع القلوص، وهي الفتية من الابل.
(٣) الخطر (بالتحريك): الرهن وما يخاطر عليه.
(٤) قمرت الرجل: غلبته.
(٥) راجع هذا الخبر في تاريخ الطبري (ج ٤ ص ١٠٠٥ من القسم الاول طبع أوربا).
(٦) هكذا ورد في كتب التفسير.
والذي في تاريخ الطبري: (شهربراز).
(*)