في صدر الاسلام للنبي ﷺ يصنع فيها ما شاء، كما قال في سورة " الانفال ": " قل الانفال لله والرسول " [ الانفال: ١ ]، ثم نسخ بقوله تعالى: " واعلموا أنما غنمتم من شئ " [ الانفال: ٤١ ] الآية.
وقد مضى في الانفال بيانه (١).
فأما الفئ فقسمته وقسمة الخمس سواء.
والامر عند مالك فيهما إلى الامام، فإن رأى حبسهما لنوازل تنزل بالمسلمين فعل، وإن رأى قسمتهما أو قسمة أحدهما قسمه كله بين الناس، وسوى فيه بين عربيهم ومولاهم.
ويبدأ بالفقراء من رجال ونساء حتى يغنوا، ويعطوا ذوو القربى من رسول الله ﷺ من الفئ سهمهم على ما يراه الامام، وليس له حد معلوم.
واختلف في إعطاء الغني منهم، فأكثر الناس على إعطائه لانه حق لهم.
وقال مالك: لا يعطي منه غير فقرائهم، لانه جعل لهم عوضا من الصدقة.
وقال الشافعي: أيما حصل من أموال الكفار من غير قتال كان يقسم في عهد النبي ﷺ على خمسة وعشرين سهما: عشرون للنبي ﷺ يفعل فيها ما يشاء.
والخمس يقسم على ما يقسم عليه خمس الغنيمة.
قال أبو جعفر أحمد ابن الداودي: وهذا قول ما سبقه به أحد علمناه، بل كان ذلك خالصا له، كما ثبت في الصحيح عن عمر مبينا للآية.
ولو كان هذا لكان قوله: " خالصة لك من دون المؤمنين " (٢) [ الاحزاب: ٥٠ ] يدل على أنه يجوز الموهبة لغيره، وأن قوله: " خالصة يوم القيامة " (٣) [ الاعراف: ٣٢ ] يجوز أن يشركهم فيها غيرهم.
وقد مضى قول الشافعي مستوعبا في ذلك والحمد لله.
ومذهب الشافعي رضي الله عنه: أن سبيل خمس الفئ سبيل خمس الغنيمة، وأن أربعه أخماسه كانت للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي بعده لمصالح المسلمين.
وله قول آخر: أنها بعده للمرصدين أنفسهم للقتال بعده
خاصة، كما تقدم.
الرابعة - قال علماؤنا: ويقسم كل مال في البلد الذي جبي فيه، ولا ينقل عن ذلك البلد الذي جبي فيه حتى يغنوا، ثم ينقل إلى الاقرب من غيرهم، إلا أن ينزل بغير البلد الذي جبي فيه فاقة شديدة، فينتقل ذلك إلى أهل الفاقة حيث كانوا، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أعوام الرمادة، وكانت خمسة أعوام أو ستة.
وقد قيل عامين.
وقيل:
(٣) راجع ج ٧ ص ١٩٥.
(*)