غير ممنوع لنفسه يخاف من ارتكابه الوقوع في ممنوع.
أما الكتاب فهذه الاية، ووجه التمسك بها أن اليهود كانوا يقولون ذلك وهي سب بلغتهم، فلما علم الله ذلك منهم منع من إطلاق ذلك اللفظ، لانه ذريعة للسب، وقوله تعالى: " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم (١) " فمنع من سب آلهتهم مخافة مقابلتهم بمثل ذلك، وقوله تعالى: " واسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر (١) " الاية، فحرم عليهم تبارك وتعالى الصيد في يوم السبت، فكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت شرعا، أي ظاهرة، فسدوا عليها يوم السبت وأخذوها يوم الاحد، وكان السد ذريعة للاصطياد، فمسخهم الله قردة وخنازير، وذكر الله لنا ذلك في معنى التحذير عن ذلك، وقوله تعالى لادم وحواء: " ولا تقربا هذه الشجرة " وقد تقدم (٢).
وأما السنة فأحاديث كثيرة ثابتة صحيحة، منها حديث عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهن ذكرتا كنيسة رأياها بالحبشة فيها تصاوير [ فذكرتا (٣) ذلك ] لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله).
أخرجه البخاري ومسلم.
قال علماؤنا: ففعل ذلك أوائلهم ليتأنسوا برؤية تلك الصور ويتذكروا أحوالهم الصالحة فيجتهدون كاجتهادهم ويعبدون الله عزوجل عند قبورهم، فمضت لهم بذلك أزمان، ثم أنهم خلف من بعدهم خلوف جهلوا أغراضهم، ووسوس لهم الشيطان أن آباءكم وأجدادكم كانوا يعبدون هذه الصورة فعبدوها، فحذر النبي ﷺ عن مثل ذلك،
وشدد النكير والوعيد على من فعل ذلك، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال: (اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد) وقال: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد).
وروى مسلم عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: (الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه (٤)) الحديث، فمنع من الاقدام
(٢) راجع ج ١ ص ٣٠٤.
(٣) زيادة عن صحيح البخاري.
(٤) ورد هذا في صحيح مسلم - كتاب البيوع - ببعض اختلاف في ألفاظه.
(*)