مهين.
هماز مشاء بنميم (١) " و " ويل لكل همزة لمزة (٢) ".
قال ابن عطية: ما ثبت قط أن الاخنس أسلم.
وقال ابن عباس: نزلت في قوم من المنافقين تكلموا في الذين قتلوا في غزوة الرجيع: عاصم بن ثابت، وخبيب، وغيرهم، وقالوا: ويح هؤلاء القوم، لا هم قعدوا في بيوتهم، ولا هم أدوا رسالة صاحبهم، فنزلت هذه الآية في صفات المنافقين، ثم ذكر المستشهدين في غزوة الرجيع في قوله: " ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله (٣) ".
وقال قتادة ومجاهد وجماعة من العلماء: نزلت في كل مبطن كفرا أو نفاقا أو كذبا أو إضرارا، وهو يظهر بلسانه خلاف ذلك، فهى عامة، وهى تشبه ما ورد في الترمذي أن في بعض كتب الله تعالى: إن من عباد الله قوما ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، يشترون الدنيا بالدين، يقول الله تعالى: أبى يغترون، وعلى يجترئون، فبى حلفت لاتيحن (٤) لهم فتنة تدع الحليم منهم حيران.
ومعنى " ويشهد الله " أي يقول: الله يعلم أنى أقول حقا.
وقرأ ابن محيصن " ويشهد الله على ما في قلبه " بفتح الياء والهاء في " يشهد " " الله " بالرفع، والمعنى يعجبك قوله، والله يعلم منه خلاف ما قال.
دليل قوله: " والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ".
وقراءة ابن عباس: " والله يشهد على ما في قلبه ".
وقراءة الجماعة أبلغ في الذم، لانه قوى على نفسه التزام الكلام الحسن، ثم ظهر من باطنه خلافه.
وقرأ أبى وابن مسعود " ويستشهد الله على ما في قلبه " وهى حجة لقراءة الجماعة.
الثانية - قال علماؤنا: وفى هذه الآية دليل وتنبيه على الاحتياط فيما يتعلق بأمور الدين والدنيا، واستبراء أحوال الشهود والقضاة، وأن الحاكم لا يعمل على ظاهر أحوال الناس وما يبدو من إيمانهم وصلاحهم حتى يبحث عن باطنهم، لان الله تعالى بين أحوال الناس، وأن منهم من يظهر قولا جميلا وهو ينوى قبيحا.
فإن قيل: هذا يعارضه قوله عليه السلام: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " الحديث، وقوله: " فأقضى له على نحو ما أسمع " فالجواب أن هذا كان في صدر الاسلام، حيث كان إسلامهم سلامتهم، وأما وقد عم الفساد فلا، قاله ابن العربي.
(٢) آية ١ سورة الهمزة..(٣) آية ٢٠٨ سورة البقرة.
(٤) في من، ح: " لاسلطن عليهم ".
(٥) آية ١ سورة المنافقون.