هذه صفة الكافر والمنافق الذاهب بنفسه زهوا، ويكره للمؤمن أن يوقعه الحرج في بعض هذا.
وقال عبد الله: كفى بالمرء إثما أن يقول له أخوه: اتق الله، فيقول: عليك بنفسك، مثلك يوصيني (١) ! والعزة: القوة والغلبة، من عزه يعزه إذا غلبه.
ومنه: " وعزنى في الخطاب (٢) " وقيل: العزة هنا الحمية، ومنه قول الشاعر: أخذته عزة من جهله * فتولى مغضبا فعل الضجر وقيل: العزة هنا المنعة وشدة النفس، أي اعتز في نفسه وانتحى فأوقعته تلك العزة في الاثم حين أخذته وألزمته إياه.
وقال قتادة: المعنى إذا قيل له مهلا ازداد إقداما على المعصية، والمعنى حملته العزة على الاثم.
وقيل: أخذته العزة بما يؤثمه، أي ارتكب الكفر للعزة وحمية الجاهلية.
ونظيره: " بل الذين كفروا في عزة وشقاق (٣) " وقيل: الباء في " بالاثم " بمعنى
اللام، أي أخذته العزة والحمية عن قبول الوعظ للاثم الذى في قلبه، وهو النفاق، ومنه قول عنترة يصف عرق الناقة: وكأن ربا أو كحيلا معقدا * حش الوقود به جوانب قمقم (٤) أي حش الوقود له.
وقيل: الباء بمعنى مع، أي أخذته العزة مع الاثم، فمعنى الباء يختلف بحسب التأويلات.
وذكر أن يهوديا كانت له حاجة عند هارون الرشيد، فاختلف إلى بابه سنة، فلم يقض حاجته، فوقف يوما على الباب، فلما خرج هارون سعى حتى وقف بين يديه وقال: اتق الله يا أمير المؤمنين ! فنزل هارون عن دابته وخر ساجدا، فلما رفع رأسه أمر بحاجته فقضيت، فلما رجع قيل له: يا أمير المومنين، نزلت عن دابتك لقول يهودى ! قال: لا، ولكن تذكرت قول الله تعالى: " وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ".
حسبه أي كافيه معاقبة وجزاء، كما تقول للرجل: كفاك ما حل بك ! وأنت تستعظم وتعظم عليه ما حل.
والمهاد جمع المهد، وهو الموضع المهيأ للنوم، ومنه مهد الصبى.
(٢) آية ٢٣ سورة ص.
(٣) آية ٢ سورة ص.
(٤) الرب (بضم الراء): الطلاء الخائر.
والكحيل (مصغرا): النفط أو القطران تطلى به الابل.
والمعقد (بفتح القاف): الذى أوقد تحته حتى انعقد وغلظ.
وحش: اتقد.
والقمقم (بالضم): ضرب من الاواني.