رجلين من بنى كلاب لقيا عمرو بن أمية الضمرى وهو لا يعلم أنهما كانا عند النبي ﷺ وذلك في أول يوم من رجب فقتلهما، فقالت قريش: قتلهما في الشهر الحرام، فنزلت الآية.
والقول بأن نزولها في قصة عبد الله بن جحش أكثر وأشهر، وأن النبي ﷺ بعثه مع تسعة رهط، وقيل ثمانية، في جمادى الآخرة قبل بدر بشهرين، وقيل في رجب.
قال أبو عمر - في كتاب الدرر له -: ولما رجع رسول الله ﷺ من طلب كرز بن جابر - وتعرف تلك الخرجة ببدر الاولى - أقام بالمدينة بقية جمادى الآخرة ورجب، وبعث في رجب عبد الله بن جحش بن رئاب الاسدي ومعه ثمانية رجال من المهاجرين، وهم أبو حذيفة بن عتبة، وعكاشة بن محصن، وعتبة بن غزوان، وسهيل بن بيضاء الفهرى، وسعد بن أبى وقاص، وعامر بن ربيعة، وواقد بن عبد الله التميمي، وخالد بن بكير الليثى.
وكتب لعبد الله بن جحش كتابا، وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه [ فيمضى لما أمره (١) به ] ولا يستكره أحدا من أصحابه، وكان أميرهم، ففعل عبد الله بن جحش ما أمره به، فلما فتح الكتاب وقرأه وجد فيه: " إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا، وتعلم لنا من أخبارهم ".
فلما قرأ الكتاب قال: سمعا وطاعة، ثم أخبر أصحابه بذلك، وبأنه لا يستكره أحدا منهم، وأنه ناهض لوجهه بمن أطاعه، وأنه إن لم يطعه أحد مضى وحده، فمن أحب الشهادة فلينهض، ومن كره الموت فليرجع.
فقالوا: كلنا نرغب فيما ترغب فيه، وما منا أحد إلا وهو سامع مطيع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونهضوا معه، فسلك على الحجاز، وشرد لسعد بن أبى وقاص وعتبة بن غزوان جمل كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه، ونفذ عبد الله بن جحش مع سائرهم لوجهه حتى نزل بنخلة، فمرت بهم عير لقريش تحمل زبيبا وتجارة فيها عمرو بن الحضرمي - واسم الحضرمي عبد الله بن عباد من الصدف، والصدف بطن من حضرموت - وعثمان بن عبد الله بن المغيرة، وأخوه نوفل
ابن عبد الله بن المغيرة المخزوميان، والحكم بن كيسان مولى بنى المغيرة، فتشاور المسلمون وقالوا: نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن نحن قاتلناهم هتكنا حرمة الشهر الحرام: وإن

(١) زيادة عن سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري.
راجع سرية عبد الله بن جحش.


الصفحة التالية
Icon