التشريق بعد الزوال إلى الغروب، واختلفوا فيمن رمى جمرة العقبة قبل طلوع الفجر أو بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس، فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق: جائز رميها بعد الفجر قبل طلوع الشمس.
وقال مالك: لم يبلغنا أن رسول الله ﷺ رخص لاحد برمى قبل أن يطلع الفجر، ولا يجوز رميها قبل الفجر، فإن رماها قبل الفجر أعادها، وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز رميها، وبه قال أحمد وإسحاق.
ورخصت طائفة في الرمى قبل طلوع الفجر، روى عن أسماء بنت أبى بكر أنها كانت ترمى بالليل وتقول: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه أبو داود.
وروى هذا القول عن عطاء وابن أبى مليكة وعكرمة بن خالد، وبه قال الشافعي إذا كان الرمى بعد نصف الليل.
وقالت طائفة: لا يرمى حتى تطلع الشمس، قاله مجاهد والنخعي والثوري.
وقال أبو ثور: إن رماها قبل طلوع الشمس فإن اختلفوا فيه لم يجزه، وإن أجمعوا، أو كانت (١) فيه سنة أجزأه.
قال أبو عمر: أما قول الثوري ومن تابعه فحجته أن رسول الله ﷺ رمى الجمرة بعد طلوع الشمس وقال: " خذوا عنى مناسككم ".
وقال ابن المنذر: السنة ألا ترمى إلا بعد طلوع الشمس، ولا يجزئ الرمى قبل طلوع الفجر، فإن رمى أعاد، إذ فاعله مخالف لما سنه الرسول ﷺ لامته.
ومن رماها بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس فلا إعادة عليه، إذ لا أعلم أحدا قال لا يجزئه.
الثانية - روى معمر قال أخبرني هشام بن عروة عن أبيه قال: أمر رسول الله ﷺ أم سلمة أن تصبح بمكة يوم النحر وكان يومها.
قال أبو عمر: اختلف على هشام في هذا الحديث، فروته طائفة عن هشام عن أبيه مرسلا كما رواه معمر، ورواه آخرون عن هشام عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله ﷺ أمر أم سلمة بذلك مسندا، ورواه آخرون عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أبى سلمة عن أم سلمة مسندا أيضا، وكلهم ثقات.
وهو يدل على أنها رمت الجمرة بمنى قبل الفجر، لان رسول الله ﷺ أمرها أن تصبح بمكة يوم النحر، وهذا لا يكون إلا وقد رمت

(١) في ح: " وإن أجمعوا وكانت فيه سنة أجزأه ".


الصفحة التالية
Icon