وفى الموطأ: مالك عن نافع عن ابن عمر قال قال عمر: لا يبيتن أحد من الحاج [ ليالى منى (١) ] من وراء العقبة.
والعقبة التى منع عمر أن يبيت أحد وراءها هي العقبة التى عند الجمرة التى يرميها الناس يوم النحر مما يلى مكة.
رواه ابن نافع عن مالك في المبسوط، قال: وقال مالك: ومن بات وراءها ليالى منى فعليه الفدية، وذلك أنه بات بغير منى ليالى منى، وهو مبيت مشروع في الحج، فلزم الدم بتركه كالمبيت بالمزدلفة، ومعنى الفدية هنا عند مالك الهدى.
قال مالك: هو هدى يساق من الحل إلى الحرم.
السابعة - روى مالك عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن أبا البداح بن عاصم بن عدى أخبره (٢) أن رسول الله ﷺ أرخص لرعاء الابل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر.
قال أبو عمر: لم يقل مالك بمقتضى هذا الحديث، وكان يقول: يرمون يوم النحر - يعنى جمرة العقبة - ثم لا يرمون من الغد، فإذا كان بعد الغد وهو الثاني من أيام التشريق وهو اليوم الذى يتعجل فيه النفر من يريد التعجيل أو من يجوز له التعجيل رموا اليومين لذلك اليوم ولليوم الذى قبله، لانهم يقضون ما كان عليهم، ولا يقضى أحد عنده شيئا إلا بعد أن يجب عليه، هذا معنى ما فسر به مالك هذا الحديث في موطئه.
وغيره يقول: لا بأس بذلك كله على ما في حديث مالك، لانها أيام رمى كلها، وإنما لم يجز عند مالك للرعاء تقديم الرمى لان غير الرعاء لا يجوز لهم أن يرموا في أيام التشريق شيئا من الجمار قبل الزوال، فإن رمى قبل الزوال أعادها، ليس لهم التقديم.
وإنما رخص لهم في اليوم الثاني إلى الثالث.
قال ابن عبد البر: الذى قاله مالك في هذه المسألة موجود في رواية ابن جريج قال: أخبرني محمد بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن أبا البداح بن عاصم بن عدى أخبره أن النبي ﷺ أرخص للرعاء أن يتعاقبوا، فيرموا يوم النحر، ثم يدعوا يوما وليلة ثم يرمون الغد.
قال علماؤنا: ويسقط رمى الجمرة الثالثة عمن تعجل.
قال ابن أبى زمنين (٣)
(٢) الذى في الموطأ والاستذكار لابن عبد البر: " أن أبا البداح بن عاصم بن عدى أخبره عن أبيه ".
(٣) هو محمد بن عبد الله بن عيسى بن أبى زمنين المرى من أهل البيرة، وهى بلدة بالاندلس.
(عن التكملة لكتاب الصلة).