ذلك، أي لم يزل ولا يزال كذلك، فإن الله لم يرد شيئا إلا أصاب به الذى أراد.
ويحك ! فلا يختلف عليك القرآن، فإن كلا من عند الله) الرابعة - قوله تعالى: (وأخر متشابهات) لم تصرف " أخر " لانها عدلت عن الالف واللام، لان أصلها أن تكون صفة بالالف واللام كالكبر والصغر، فلما عدلت عن مجرى الالف واللام منعت الصرف.
أبو عبيد: لم يصرفوها لان واحدها لا بنصرف في معرفة ولا نكرة.
وأنكر ذلك المبرد وقال: يجب على هذا ألا ينصرف غضاب وعطاش.
الكسائي:
لم تنصرف لانها صفة.
وأنكره المبرد أيضا وقال: إن لبدا وحطما صفتان وهما منصرفان.
سيبويه: لا يجوز أن تكون أخر معدولة عن الالف واللام، لانها لو كانت معدولة عن الالف واللام لكان معرفة، ألا ترى أن سحر (١) معرفة في جميع الاقاويل لما كانت معدولة [ عن السحر ]، وأمس في قول من قال: ذهب أمس معدولا عن الامس، فلو كان أخر معدولا أيضا عن الالف واللام لكان معرفة، وقد وصفه الله تعالى بالنكرة.
الخامسة - قوله تعالى: (فأما الذين في قلوبهم زيغ) الذين رفع بالابتداء، والخبر " فيتبعون ما تشابه منه ".
والزيغ الميل، ومنه زاغت الشمس، وزاغت الابصار.
ويقال: زاغ يزيغ زيغا إذا ترك القصد، ومنه قوله تعالى: " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " (٢).
وهذه الاية تعم كل طائفة من كافر وزنديق وجاهل وصاحب بدعة، وإن كانت الاشارة بها في ذلك الوقت إلى نصارى نجران.
وقال قتادة في تفسير قوله تعالى: " فأما الذين في قلوبهم زيغ ": إن لم يكونوا الحرورية (٣) وأنواع الخوارج فلا أدري من هم.
قلت: قد مر هذا التفسير عن أبى أمامة مرفوعا، وحسبك.
السادسة - قوله تعالى: (فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) قال شيخنا أبو العباس رحمة الله عليه: متبعو المتشابه لا يخلو أن يتبعوه ويجمعوه طلبا للتشكيك

(١) أي إذا أردت به سحر ليلتك.
فإن نكرته صرفته.
(٢) راجع ج ١٨ ص ٨٢.
(٣) راجع الهامشة ٢ ج ٢ ص ٢٥١ (*)


الصفحة التالية
Icon