في القرآن وإضلال العوام، كما فعلته الزنادقة والقرامطة (١) الطاعنون في القرآن، أو طلبا لاعتقاد ظواهر المتشابه، كما فعلته المجسمة الذين جمعوا ما في الكتاب والسنة مما ظاهره الجسمية حتى اعتقدوا أن البارئ تعالى جسم مجسم وصورة مصورة ذات وجه وعين ويد وجنب ورجل وأصبع، تعالى الله عن ذلك، أو يتبعوه على جهة إبداء تأويلاتها وإيضاح معانيها، أو كما
فعل صبيغ (٢) حين أكثر على عمر فيه السؤال.
فهذه أربعة أقسام: الاول - لا شك في كفرهم، وأن حكم الله فيهم القتل من غير استتابة.
الثاني - [ الصحيح ] (٣) القول بتكفيرهم، إذ لا فرق بينهم وبين عباد الاصنام والصور، ويستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا كما يفعل بمن ارتد.
الثالث - اختلفوا في جواز ذلك بناء على الخلاف في جواز تأويلها.
وقد عرف، أن مذهب السلف ترك التعرض لتأويلها مع قطعهم باستحالة ظواهرها، فيقولون أمروها كما جاءت.
وذهب بعضهم إلى إبداء تأويلاتها وحملها على ما يصح حمله في اللسان عليها من غير قطع بتعيين مجمل منها.
الرابع - الحكم فيه الادب البليغ، كما فعله عمر بصبيغ.
وقال أبو بكر الانباري: وقد كان الائمة من السلف يعاقبون من يسأل عن تفسير الحروف المشكلات في القرآن، لان السائل إن كان يبغى بسؤاله تخليد البدعة وإثارة الفتنة فهو حقيق بالنكير وأعظم التعزير، وإن لم يكن ذلك مقصده فقد استحق العتب بما اجترم من الذنب، إذ أوجد للمنافقين الملحدين في ذلك الوقت سبيلا إلى أن يقصدوا ضعفة المسلمين بالتشكيك والتضليل في تحريف القرآن عن مناهج التنزيل وحقائق التأويل.
فمن ذلك ما حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي أنبأنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار أن صبيغ بن عسل

(١) القرامطة: فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادشت ومزدك ومانى، وكانوا يبيحون المحترمات.
(راجع عقد الجمان للعبيى ؟ في حوادث سن ٢٧٨).
(٢) صبيغ (وزان أمير) بن شريك بن المنذر بن قطن بن قشع بن عسل (بكسر العين) بن عمرو بن يربوع التميمي، وقد ينسب إلى جده الاعلى فيقال: صبيغ بن عمل.
راجع القاموس وشرحة مادة " صبغ وعسل ".
(٣) الزيادة من نسخ: ب، ز، د.
(*)


الصفحة التالية
Icon