ترونهم مثليهم ثلاثة أمثالهم.
وهو بعيد غير معروف في اللغة.
قال الزجاج: وهذا باب الغلط، فيه غلط في جميع المقاييس، لانا إنما نعقل مثل الشئ مساويا له، ونعقل مثله ما يساويه مرتين.
قال ابن كيسان: وقد بين الفراء قوله بأن قال: كما تقول وعندك عبد: احتاج إلى مثله، فأنت محتاج إليه وإلى مثله.
وتقول: احتاج إلى مثليه، فأنت محتاج إلى ثلاثة.
والمعنى على خلاف ما قال، واللغة.
والذى أوقع الفراء في هذا أن المشركين كانوا ثلاثة أمثال المؤمنين يوم بدر، فتوهم أنه لا يجوز أن يكونوا يرونهم إلا على عدتهم، وهذا بعيد وليس المعنى عليه.
وإنما أراهم الله على غير عدتهم لجهتين: إحداهما أنه رأى الصلاح في ذلك، لان المؤمنين تقوى قلوبهم بذلك.
والاخرى أنه آية للنبى صلى الله عليه وسلم.
وسيأتى ذكر وقعة (١) بدر إن شاء الله تعالى.
وأما قراءة الياء فقال ابن كيسان: الهاء والميم في " يرونهم " عائدة على " وأخرى كافرة " والهاء والميم في " مثليهم " عائدة على " فئة تقاتل في سبيل الله " وهذا من الاضمار الذى يدل عليه سياق الكلام، وهو قوله: " يؤيد بنصره من يشاء ".
فدل ذلك على أن الكافرين كانوا مثلى المسلمين في رأى العين وثلاثة أمثالهم في العدد.
قال: والرؤية هنا لليهود.
وقال مكى: الرؤية للفئة المقاتلة في سبيل الله، والمرئية الفئة الكافرة، أي ترى الفئة المقاتلة في سبيل الله الفئة الكافرة مثلى الفئة المؤمنة، وقد كانت الفئة الكافرة ثلاثة أمثال المؤمنة فقللهم الله في أعينهم على ما تقدم.
والخطاب في " لكم " لليهود.
وقرأ ابن عباس وطلحة " ترونهم " بضم التاء، والسلمى بالتاء المضمومة على ما لم يسم فاعله.
(والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لاولى الابصار) تقدم معناه والحمد لله.
قوله تعالى: زين للناس حب الشهوت من النساء والبنين
والقنطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعم والحرث ذلك متع الحيوة الدنيا والله عنده حسن الماب (١٤)

(١) في ص ١٩٠ فما بعد من هذا الجزء.
(*)


الصفحة التالية
Icon