ذلك لرسول الله ﷺ إلى يومي هذا أحسن مما أبلاني الله به، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله ﷺ إلى يومي هذا وإني لارجو الله أن يحفظني فيما بقي فأنزل الله عزوجل: " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الذين أتبعوه في ساعة العسرة - حتى بلغ - إنه بهم رءوف رحيم.
وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا
ضاقت عليهم الارض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم - حتى بلغ - أتقوا الله وكونوا مع الصادقين ".
قال كعب: والله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد إذ هداني الله للاسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله ﷺ ألا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا، إن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لاحد، وقال الله تعالى: " سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنه فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأوا هم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون.
يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين " [ التوبة: ٩٥ - ٩٦ ].
قال كعب: كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله ﷺ حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله ﷺ أمرنا حتى قضى الله فيه، فبذلك قال الله عزوجل: " وعلى الثلاثة " وليس الذي ذكر الله مما خلفنا تخلفنا عن الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له وأعتذر إليه فقبل منه.
قوله تعالى: (ضاقت عليهم الارض بما رحبت) أي بما أتسعت يقال: منزل رحب ورحيب ورحاب.
و " ما " مصدرية، أي ضاقت عليهم الارض برحبها، لانهم كانوا مهجورين لا يعاملون ولا يكلمون.
وفي هذا دليل على هجران أهل المعاصي حتى يتوبوا.
قوله تعالى: (وضاقت عليه أنفسهم) أي ضاقت صدورهم بالهم والوحشة، وبما لقوه من الصحابة من الجفوة.
(وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه) أي تيقنوا أن لا ملجأ يلجئون إليه في الصفح عنهم وقبول التوبة منهم إلا إليه.
قال أبو بكر الوراق.
التوبة النصوح أن تضيق على التائب الارض بما رحبت، وتضيق عليه نفسه، كتوبة كعب وصاحبيه.


الصفحة التالية
Icon