…وفي كلا الاحتمالين إشارة لمهمة النبي ﷺ، وهي أن عليه البلاغ، أما الهداية فمن الله، كما قال تعالى :﴿ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء﴾ [البقرة : ٢٧٢]، وقال :﴿وما على الرسول إلا البلاغ المبين﴾ [النور : ٥٤].
(٧٦)… أعاد بعض المفسرين الضمير في "ذكره" إلى الله، والمعنى : فمن شاء من العباد ذكر الله. غير أن سياق الآيات يدل على الأول ؛ لأن الحديث عن القرآن قبل هذه الآية وبعدها، والله أعلم.
(٧٧)… وقع خلاف في المراد بالصحف، وهو مبني على الاختلاف في المراد بالسفرة، على قولين :
…الأول : أن السفرة الملائكة، وهو قول ابن عباس من طريق العوفي، وابن زيد، ونسبه ابن كثير إلى مجاهد والضحاك.
…الثاني : أن السفرة القراء، قاله قتادة من طريق سعيد، وذكر ابن كثير عن وهب بن منبه، قال : هم أصحاب محمد ﷺ.
…والقول الأول أرجح ؛ لدلالة قوله ﷺ :"الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة..." فوصفهم بما ورد في هذه الآيات، وحمله عليه أولى، ثم إن وصف المؤمنين في القرآن جاء على صيغة "الأبرار"، لا البررة، مما يشعر أن المعني بهذا الوصف الملائكة.
(٧٨)… عبر ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، وقتادة من طريق معمر، عن السفرة بأنهم الكتبة، كما عبر قتادة من طريق سعيد بأنهم القراء، وتأويل السفرة بالرسل يشمل هذه المعاني، قال الإمام الطبري: "وأولى الأقوال في ذل بالصواب قول من قال : هم الملائكة الذين يسفرون بين الله ورسله بالوحي... وإذا وجه التأويل إلى ما قلنا، احتمل الوجه الذي قاله القائلون : هم الكتبة، والذي قاله القائلون : هم القراء ؛ لأن الملائكة هي التي تقرأ الكتب، وتسفر بين الله وبين رسله ".
(٧٩)… الكريم : هو الشريف في جنسه، وقد وصف الله الملائكة بهذا الوصف في قوله تعالى :﴿كراما كاتبين﴾ [الانفطار : ١١].


الصفحة التالية
Icon