=…قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : هي النار، بعضها أسفل من بعض.
…وقال طائفة، منهم قادة، وعكرمة، والكلبي، وإبراهيم : أنه أرذل العمر، وهو مروي عن ابن عباس.
…والصواب القول الأول ؛ لوجوه :
…أحدها : أن أرذل العمر لا يسمى أسفل السافلين، لا في لغة، ولا عرف. وإنما أسفل سافلين هو سجين، الذي هو مكان الفجار، كما أن علين مكان الأبرار.
…الثاني : أن المردودين إلى أرذل العمر بالنسبة إلى نوع الإنسان قليل جداً، فأكثرهم يموت ولا يرد إلى أرذل العمر.
…الثالث : أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يستوون هم وغيرهم في رد من طال عمره منهم إلى أرذل العمر. فليس ذلك مختصاً بالكفار، حتى يستثني منه المؤمنين.
…الرابع : أن الله سبحانه لما أدرك ذلك لم يخصه بالكفار، بل جعله الجنس بني آدم، فقال :﴿ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا﴾ [الحج : ٥]، فجعلهم قسمين : قسماً متوفى قبل الكبر، وقسماً مردوداً إلى أرذل العمر، ولم يسمه أسفل سافلين.
…الخامس : أنه لا تحسن المقابلة بين أرذل العمر وبين جزاء المؤمنين. وهو سبحانه قابل بين جزاء هؤلاء وجزاء أهل الإيمان، فجعل جزاء الكفار أسفل سافلين، وجزاء المؤمنين أجراً غير ممنون.
…السادس : أن قول من فسر بأرذل العمر يستلزم خلو الآية عن جزاء الكفار وعاقبته أمرهم، ويستلزم تفسيرها بأمر محسوس، فيكون قد ترك الإخبار عن المقصود الأهم، وأخبر عن أمر يعرف بالحس والمشاهدة، وف ذلك هضم لمعنى الآية، وتقصير بها عن المعنى اللائق بها.
…السابع : أنه سبحانه ذكر حال الإنسان في بدئه ومعاده، فمبدؤه : خلقه في أحسن تقويم، ومعاده. رده إلى أسفل سافلين أو إلى أجر غير منون. وهذا مواقف لطريقة القرءان وعادته في ذكر مبدأ العبد ومعاده، فما لأرذل العمر وهذا المعنى المطلوب المقصود إثباته والاستدلال عليه ؟