…ويلاحظ أن بعض التضاد يمكن أن تحتمله الآية لسبب خاص بها، ومن ذلك تفسير قوله تعالى :﴿والليل إذا عسعس﴾ [التكوير : ١٧]، حيث فسر بـ "أقبل"، و "أدبر"، وهما معنيان متضادان، لكن لما كان محل الإقبال - وهو أول الليل - والإدبار - وهو آخر الليل - مختلفاً، جاز حمل الآية على المعنيين معاً ؛ ليكون الإقسام بأول الليل وآخره.
ومنه تفسير قوله تعالى :﴿وإذا البحار سجرت﴾ [التكوير : ٦]، فقد ورد في تفسيرها : امتلأت، ويبست، وهما من معاني التسجير في اللغة، ولكنها ضدان، فإذا حملتهما على اختلاف الزمن الحاصل فيه هذا الفعل، وجعلت الفعل دالاً على هذين الحالين، صح حمل الآية عليهما معاً، لهذا السبب، والله أعلم.
…أما أسباب الاختلاف في التفسير فكثيرة، ويلاحظ أن أنواع الاختلاف السابقة في حقيقتها أسباب اختلاف، كما يلاحظ أن أسباب الاختلاف كأنواعه، منها ما هو اختلاف محقق، ومنها ما الاختلاف فيه أشبه بالصوري ؛ لائتلاف الأقوال في النهاية على قول واحد، ولذا سأذكر بعضها في الأسباب، ومنها :
…١- الاشتراك اللغوي، وهو أن يكون للفظ أكثر من معنى في لغة العرب، ومنه تفسير قوله تعالى :﴿وأنزلنا من المعصرت﴾ [النبأ : ١٤]، وقوله تعالى ﴿ولا يذوقون فيها رداً﴾ [النبأ : ٢٤]، وقوله تعالى :﴿يسقون من رحيق مختوم﴾ [المطففين : ٢٥]، وغيرها.
…٢- التواطؤ : وهو أن يشترك الأفراد في المسمى اشتراكاً متساوياً، فنسبة أحدهم إلى المسمى كنسبة الآخر، ويشمل التواطؤ الأوصاف التي تحتمل أكثر من وصف ؛ كالنازعات، والخنس، والغاشية، والفجر، والعاديات، وغيرها.


الصفحة التالية
Icon