وقد نسب هذا القول لابن عباس (تفسير البغوي)، ومجاهد والسدي (تفسير الماوردي)، وهو قول يحتمله السياق، غير أنه مترجح للسبب الذي ذكره الطبري، وإذا كان كذلك، فإن سبب الاختلاف : الاشتراك اللغوي، ويكون من اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من معنى.
(٢٣)…اختلفت عبارة السلف في تفسير الغساق، فقال بعضهم : الغساق : هو ما سال من صديد أهل النار، ورد ذلك عن عطية العوفي، وعكرمة، وأبي رزين، وإبراهيم النخعي، وابن زيد. وعن عبد الله بن بريدة أن المنتن بلاطخارية [أي بلغة أهل طخارستان}. قال بعضهم : الغساق، الزمهرير، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، وعن مجاهد من طريق ليث، وعن أبي العالية، والربيع ابن نس.
…ومادة (غسق) فيها هذا المعنيان، أما الغسق بمعنى البرد، فمنه غسق الليل، سمى بذلك لبرودته. وأما الغسق بمعنى الصديد المنتن الذي يسيل من أهل النار، فمن قولهم غسق الجرح : إذا سال فيحه. وعلى هذا، فالتفسيران صحيحان، وجائز اجتماعهما في معنى الغساق، ويكون من عذاب النار الذي يعذب الله به الكفار. وهذا هو ترجيح الإمام الطبري.
…وعلى هذا فسبب الاختلاف : الاشتراك اللغوي، وهو من اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من معنى.
(٢٤)…كذا ورد عن السلف : ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق معمر وسعيد، والربيع من طريق أبي جعفر، وابن زيد الذي جعل نظيرها قوله تعالى: ﴿ثم كان عاقبة الذين اسئوا السواى ﴾ [الروم : ١٠].