=…الثالث : خلق من خلق الله في صورة آدم، ورد ذلك عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح ومسلم وسليمان، وأبي صالح من طريق إسماعيل ابن أبي خالد، والأعمش.
…الرابع : أنهم بنوا آدم، ورد ذلك عن الحسن وقتادة من طريق معمر وسعيد.
…الخامس : أنه أرواح بني آدم، عن ابن عباس من طريق العوفي.
…السادس : أنه القرآن، عن زيد بن أسلم من طريق ابنه عبد الرحمن، واستشهد لذلك بقوله تعالى :﴿وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا﴾ [الشورى : ٥٢].
…وقال الطبري - معلقاً على هذه الأقوال - :"والروح خلق من خلقه، وجائز أن يكون بعض هذه الأشياء التي ذكرت، والله أعلم أي ذلك هو، ولا خبر بشيء من ذلك أنه المعني به دون غيره يجب التسليم له، ولا حجة تدل عليه، وغير ضائل الجهل به ".
…والروح فيما يظهر من هذه الأقوال أمر غيبي، والمرجع فيه إلى الأثر عن المعصوم في خبره، ولم يرد إسناد شيء من هذه الأقوال إليه، ويظهر على بعضها أنها اجتهاد من قائله نظر فيه : إما القرآن؛ كالقول بأنه جبريل ؛ لوروده صراحة في غير هذا الموضع بهذا الوصف ؛ كقوله تعالى :﴿نزل به الروح الأمين﴾ [الشعراء : ١٩٣]، والقول بأنه القرآن لوروده في قوله تعالى :﴿وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا﴾ [الشورى : ٥٢]، وإما لدلالة عقل وإطلاق لغوي ؛ كمن قال : هم بنو آدم، أو أرواحهم، في مقابل ذكر الملائكة.
…أما القول الأول الذي ورد عن ابن عباس وابن مسعود فمما لا يمكن أن يعلم إلا من طريق الوحي، ومن القواعد المقررة عند أهل العلم أن الصحابي إذا فسر شيئاً غيبياً، فإن الأصل قبول قوله، ما لم يرد ما يدل على أنه لم يتلقه من الرسول ﷺ والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon