٢ ـ المراحل الست في القرآن مراحل زمنية مديدة وليست ستة أيام بشرية بحساب تعاقب شروقين أو غروبين، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ. يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ (السجدة/٤ـ٥).
وهذا ما يؤكده علماء الفيزياء الكونية من أن انفصال الأرض عن الشمس كان منذ خمسة الآف مليون سنة تقريبا، وأن الأرض ظلت مئات الألوف من السنين كى يبرد سطحها (١).
ويقابل هذا المفهوم القرآنى لمراحل الخلق الستة حصر توراتى خاطئ للمراحل الست في ستة أيام بشرية تبدأ بالأحد وتنتهى بالجمعة ويعقبها يوم السبت المقدس يوم الراحة الذي استراح الله ـ تعالى ـ فيه من عملية الخلق، وباركه وقدسه.
ويفسر جيمس فريزر عالم الديانات المقارنة الشهير أسباب وقوع الرواية التوراتية في هذا الخطأ العلمي الشنيع، بأن رواية خلق العالم في التوراة لم تكن سوى تمهيد من الكهنة لخلع القداسة على يوم السبت يوم العبادة والراحة لدى اليهود (٢). وكان المصدر الذي استقى منه الكهنة تقديس اليوم السابع من أيام الخلق هو ملحمة خلق العالم البابلية (انوما ايليش) (٣).
وانظر كارل ساغان، الموضع السابق.
(٢) جيمس فريزر، الفلكلور في العهد القديم (١ / ١٠٨) مرجع سابق.
(٣) زينون كاسيدوفسكى، الواقع والأسطورة في التوراة، ص ٢٣، الأبجدية للنشر. دمشق ١٩٩٠م.