((وأما تعظيمه لإنجيلنا وكتبنا التي في أيدينا فقوله: ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ (المائدة/٤٦)، ثم قوله أيضا: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ (يونس/٩٤)، فثبت بهذا المعنى ما معنا ونفي عن إنجيلنا وكتبنا التهم بالتبديل لها والتغيير لما فيها بتصديقه إياها.
قلت: فإن قال قائل: إن التبديل قد يجوز أن يكون بعد هذا القول.
قالوا: هذا مالا يجوز لقائل أن يقوله لأن كتبنا قد جاز عليها من نحو ستمائة سنة وصارت في أيدي الناس يقرؤونها باختلاف ألسنتهم)) (١).
فالنص واضح في تحديد زمن كتابة الرسالة بالنصف الأول من القرن السابع الميلادي ـ الأول الهجري.
٦ ـ ابن كمونة اليهودي (ت ١٢٨٤م)
يُعَدُّ ابن كمونة أول مجادل تنصيري من اليهود ضد القرآن الكريم، وقد ضمّن جدلياته ضد القرآن كتابه تنقيح الأبحاث للملل الثلاث، فعقد فصلا للقرآن الكريم أورد فيه خمسة عشر اعتراضاً على القرآن، منها ثلاثة تتعلق بأصالة القرآن الكريم: ـ
أ- لِمَ لا يجوز أن يكون القرآن أنزل إلى نبي آخر دعا محمداً أولا إلى دينه وإلى هذا الكتاب فأخذه محمد منه وقتله (٢) ؟

(١) رسالة بولس أسقف صيدا الراهب الأنطاكى، ص ١٧ من نشرة لويس شيخو، مرجع سابق.
(٢) سعد بن منصور بن كمونة، تنقيح الأبحاث للملل الثلاث، ص ٧٠، نشره موسى برلمان، مطبوعات جامعة كاليفورنيا.


الصفحة التالية
Icon