فقد كان الرهبان فى طليعة المستشرقين (١)، ولازالت لهم اليد العليا فى العصر الحديث حيث يزيد عددهم على مائة راهب من: (البندكتيون، الفرنسيسكان، الكيوشيون، الكرمليون، الدومنيكان، البيض، اليسوعيين) (٢).
أما التنظيم والإعداد فقد اضطلع به الفاتيكان، واصطنع للمؤسسة الاستشراقية النفوذ لدى السلطات الحاكمة واضطلع بوسائل التمويل (٣).
وربما كانت الطبيعة التنصيرية الخالصة للمؤسسة الاستشراقية بعناصرها الأربعة: (سلطة الإنشاء، والهدف، والتنظيم، والممارسة)، تسبب الالتباس فى أمر المؤسستين، وتحول فى كثير من الأحيان دون التفرقة بين العمل التبشيري والعمل الاستشراقي.
لكن على الرغم من الطبيعة التنصيرية المشتركة بعناصرها الأربعة بين المؤسسة التبشيرية والمؤسسة الاستشراقية، فهناك فوارق بين المؤسستين تتمثل فى أداة العمل التنصيرى ومجاله، حيث إن: ((الاستشراق أخذ صورة البحث العلمى وادعى لبحثه الطابع العلمي الأكاديمي، أما دعوة التبشير فقد بقيت فى حدود مظاهر العقلية العامة، أى العقلية الشعبية، وبينما استخدم الاستشراق الكتاب والمقال فى المجلات العلمية وكرسي التدريس فى الجامعة، والمناقشة فى المؤتمرات العلمية العامة، سلك التبشير طريق التعليم المدرسي فى دور الحضانة ودور الأطفال والمراحل الابتدائية والثانوية للذكور والإناث

(١) العقيقى، المستشرقون (٣ / ٢٤٩) مرجع سابق.
(٢) علي النملة، الاستشراق فى الأدبيات العربية، ص ٧٦، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ط ١، ١٤١٤هـ ـ ١٩٩٣م.
(٣) العقيقى، المستشرقون (١ / ١٠٤) مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon