ويستطرد موضحاً طريقة الإفادة، بقوله: ((إن محمداً أخذ يجمع ما وجده في اتصاله السطحي أثناء رحلاته التجارية مهما كانت طبيعة هذا الذي وجده، ثم أفاد من دون أي تنظيم)) (١).
أما المستشرق اليهودي فنسنك فيخرج بدائرة الإفادة عن حدود العهد القديم، ويربط لنا بوضوح بين هذا الزعم وسابقه والفرضية الأساسية والمنطلق الذي تفرعت عنه هذه الادعاءات قائلا: (النبي كان يبشر بدين مستمد من اليهودية والنصرانية، ومن ثمَّ كان يردد قصص الأنبياء المذكورين في التوراة والإنجيل، لينذر قومه بما حدث لمكذَّبي الرسل قبله، وليثبِّت أتباعه القليلين من حوله) (٢).
ولأن هذه المزاعم التنصيرية تستمد أصولها من مزاعم مشركي مكة حول أصالة القرآن الكريم كما اتضح ذلك من خلال رصد خصائص الجدل التنصيري في مرحلة بداياته المشرقية.
فإن القرآن الكريم نفسه قد تصدى لهذه المزاعم مفنداً إياهاً من طرق:
أولها: طريق التحدي، وهو طريق الردع لذوي اللجاجة في الجدل غير المنقادين إلى المسلمات والحقائق، والرافضة لكل برهان يقينيّ ودليل إلزامي وحجة دامغة. قال تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ (الإسراء: ٨٨).

(١) جولدتسهر، العقيدة والشريعة، ص ٢٥، مرجع سابق.
(٢) غراب، مرجع سابق، ص ٩١.


الصفحة التالية
Icon