إنها قصة عجيبة حافلة بالمواقف المضيئة والمشاهد المؤثرة قصة أولئك الفتية الذين خرجوا فارين بدينهم معتصمين بربهم فآواهم المبيت إلى كهف أجمعوا أمرهم على البقاء فيه حتى طلوع النهار، ولم يخطر ببالهم أن نومهم سيطول ويتجاوز ثلاثة قرون، فمكثوا فيه حتى أشرق عليهم فجر جديد، وأطلت عليهم شمس الحرية وأنوار العدالة، بعد أن تعاقبت القرون وتداولت العهود وزال عهد الطغاة
لقد طال تجوالي بين كتب التفسير أقرأ كل ما تيسر لي قراءته عن أولئك الفتية وأتأمل في قصتهم العجيبة وأجتهد في اقتباس العبر والعظات لكني أيقنت بعد طول تحليق في أجوائها و غوص في أعماقها أنني أمام آفاق رحيبة وبحار لا ساحل لها وأنهار مطّردة لا تنضب.
وصدق الله عز وجل إذ يقول في هذه السورة الكريمة (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴿١٠٩﴾(.
وقبل أن أنتهي من مقدمتي أتوجه إلى خالقي ومولاي أن يكتب لعملي هذا القبول وأن يرزقني الإخلاص وأرجو من القارئ الكريم أن لا يحرمني من ملاحظاته وتوجيهاته، وفي الختام أقول كما علمنا ربنا
(عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ﴿٢٤﴾(
أحمد محمد الشرقاوي
أستاذ مساعد بجامعة الأزهر وكلية التربية للبنات عنيزة –
sharkawe٢٠٠٠@yahoo.com
sharkawe@alquran.org.sa
تأملات في سياق القصة
جاءت قصة أصحاب الكهف تسلية وتسرية وتثبيتا لقلب رسولنا - ﷺ -
كان نزولها في العهد المكي حيث لقى الرسول ( ومن آمن معه كثيرا من المحن والابتلاءات على طريق الدعوة الذي حُفًّ بالعقبات والمكاره.
نزلت هذه القصة وما زال المسلمون الأوائل يلقون أشد صنوف البلاء ويتذوقون من العذاب ألوانا وأنكالا، ومن السخرية والاستهزاء أشكالا، ومن الصدود والإعراض نصيبا على يد الفئة الظالمة الغاشمة.