وعجباً لمن يحفظ شبابه في هذا التيه، ويصارع أمواج الفتن ويجابه أعاصير المحن فيصمد ويثبت ويعبر هذه المرحلة الحاسمة سالماً معافى ؟
روى الإمام أحمد في مسنده عن عقبة مرفوعاً : إن الله ليعجب للشاب لا صبوة له (١)
(وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (
أي بصرناهم بمقتضيات الإيمان وأركانه وبراهينه، فازدادوا إيمانا على إيمانهم وهدى على هداهم مصداقا لقول الحق جل وعلا (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا ﴿٧٦) سورة مريم
وقوله تعالى ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ {١٧﴾(سورة محمد
فكما أن الإيمان يزيد وينقص فكذلك الهداية.
قال أبو السعود :" (وَزِدْنَاهُمْ هُدًى )بأن ثبتناهم على الدين وأظهرنا لهم مكنونات محاسنه " (٢).
والذي يتأمل حديثهم الممتع وعرضهم الرائع لأصول الإيمان وإدراكهم لما عليه قومهم من كفر وضلال، ودقة براهينهم وعمق تحليلاتهم وتبصرهم بأمر دعوتهم وتحليهم بمكارم الأخلاق في مجتمع ساد فيه الفساد والانحلال وعمه الكفر والضلال، المتأمل في ذلك كله يدرك أنهم كانوا على بينة من أمرهم و علم نافع وبصيرة نافذة نابعة من أصول شرعية كانت ثمرة لدعوة وتربية من أحد المؤمنين بالدين الحق الذي جاء به نبي الله عيسى - عليه السلام -،
فضلا عن فطرتهم السليمة وعقولهم الراجحة التي كانت سببا لهدايتهم
(٢) - إرشاد العقل السليم لأبي السعود ٥ /٢١٠ ويراجع روح البيان ٥ / ٢٢١