قال تعالى (وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ } والوصيد فناء الكهف و قيل: عتبته أو بابه.
و المعنى كانوا على ما وصف من الحال و الحال أن كلبهم مفترش بذراعيه باسط لهما بفناء الكهف و فيه إخبار بأنهم كان لهم كلب يلازمهم و كان ماكثا معهم طول مكثهم في الكهف.
فائدة : ورد ذكر كلبهم في القصة أربع مرات، وقد شغل هذا الكلب اهتمام بعض المفسرين والباحثين فاستطردوا إلى الحديث عن اسمه ولونه وعن قصة لحاقه بهم فاهتموا بتفصيلات لا فائدة منها ولا ثمرة في البحث عنها، غير أنها تدل على ثمرات الصحبة الطيبة وعموم نفعها وشمول بركتها كالغيث أينما وقع نفع، فهذا كلب جاء ذكره في أشرف الكتب التي نزلت على أشرف الرسل - ﷺ - بمجرد سيره وراء الصالحين وحرصه على ملازمته ألا يدل ذلك على شرف الصحبة الطيبة ورفعتها ؟
فائدة : قال ابن كثير رحمه الله " وشملت كلبهم بركتهم فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال، وهذه صحبة الأخيار فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن ". (١)
قال ابن عطية: وحدثني أبي رضي الله عنه قال سمعت أبا الفضل الجوهري في جامع مصر يقول على منبر وعظه سنة تسع وستين وأربعمائة: إن من أحب أهل الخير نال من بركتهم؛ كلب أحب أهل فضل وصحبهم فذكره الله في محكم تنزيله. (٢)
" قلت: إذ كان بعض الكلاب قد نال هذه الدرجة العليا بصحبته ومخالطته الصلحاء والأولياء حتى أخبر الله تعالى بذلك في كتابه جل وعلا فما ظنك بالمؤمنين الموحدين المخالطين المحبين للأولياء والصالحين بل في هذا تسلية وأنس للمؤمنين المقصرين عن درجات الكمال، المحبين للنبي ﷺ وآله خير آل ". (٣)

(١) - تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٥ / ١٤٠
(٢) - المحرر الوجيز لابن عطية ١٠ / ٣٧٨
(٣) - تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٥ / ١٤٠


الصفحة التالية
Icon