وفي الصحيح عن أنس بن مالك قال: بينا أنا ورسول الله ﷺ خارجان من المسجد فلقينا رجل عند سدة المسجد فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أعددت لها) قال: حب الله ورسوله. قال: (فأنت مع من أحببت). في رواية قال أنس بن مالك: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فأنت مع من أحببت). قال أنس: فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم. (١)
قلت: وهذا الذي تمسك به أنس يشمل من المسلمين كل ذي نفس، فكذلك تعلقت أطماعنا بذلك وإن كنا مقصرين، ورجونا رحمة الرحمن وإن كنا غير مستأهلين ؛ كلب أحب قوما فذكره الله معهم فكيف بنا وعندنا عقد الإيمان وكلمة الإسلام، وحب النبي صلى الله عليه وسلم، "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" [الإسراء: ٧].(٢)
( لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا }
أي لو أشرفت عليهم وهم نيام في كهفهم على هذه الحال لوليت منهم فرارا من الوحشة والرهبة التي حفظهم الله بها، ولملئت منهم رعبا حين تطبع صورتهم في ذهنك فلا تكاد تفارقك، وقرئ ( ولملِّئت ) بالتشديد مبالغة في الفعل أو تكراراً له. (٣)

(١) - الحديث رواه البخاري في صحيحه كتاب مناقب الصحابة٦ - باب: مناقب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه. الحديث رقم: ٣٤٨٥
(٢) - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٠/ ٣٧٢ وحاشية الجمل على الجلالين ٣ / ١٢، ١٣وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ٥ / ١٤٠
(٣) - قراءة التشديد للمبالغة، وهي لابن كثير ونافع وابن عباس وأهل مكة وأهل المدينة وقرأ الباقون بتخفيف اللام – وهم على أصولهم في الهمز- النشر في القراءات العشر ٢/ ٣١٠ والمحرر الوجيز لابن عطية ١٠ / ٣٧٩


الصفحة التالية
Icon