كان هؤلاء قوما صالحين في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم فلما طال عليهم الأمد عبدوهم فهؤلاء لما قصدوا الانتفاع بالموتى قادهم ذلك لعبادة الأصنام. (١)إلى آخر ما ذكره رحمه الله.
وقال السعدي رحمه الله :" ﴿ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ﴾ الله أعلم بحالهم ومآلهم، وقال من غلب على أمرهم، وهم الذين لهم الأمر: ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾ أي: نعبد الله تعالى فيه، ونتذكر به أحوالهم، وما جرى لهم، وهذه الحالة محظورة، نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، وذم فاعليها، ولا يدل ذكرها هنا على عدم ذمها، فإن السياق في شأن تعظيم أهل الكهف والثناء عليهم، وأن هؤلاء وصلت بهم الحال إلى أن قالوا: ابنوا عليهم مسجدا، بعد خوف أهل الكهف الشديد من قومهم، وحذرهم من الاطلاع عليهم، فوصلت الحال إلى ما ترى." (٢)
وفي قصة أصحاب الكهف دليل على جواز الفرار بالدين والعزلة حين تشتد الفتن
قال السعدي رحمه الله :" وفي هذه القصة، دليل على أن من فر بدينه من الفتن، سلمه الله منها. وأن من حرص على العافية عافاه الله ومن أوى إلى الله، آواه الله، وجعله هداية لغيره، ومن تحمل الذل في سبيله وابتغاء مرضاته، كان آخر أمره وعاقبته العز العظيم من حيث لا يحتسب ﴿ وما عند الله خير للأبرار ﴾ "
كم كان عددهم ؟
قال تعالى (سَيَقُولُونَ ثَلاثَة رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاء ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا ﴿٢٢﴾(

(١) - محاسن التأويل للإمام جمال الدين القاسمي ١١ / ٢١
(٢) -تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ السعدي ص ٤٧٣


الصفحة التالية
Icon