أخبر المولى عز وجل عن اختلاف أهل الكتاب في عددهم وبين أن قول من قال بأنهم ثلاثة أو خمسة قول لا دليل عليه وإنما بني على الظن والتخمين لذا عقب عز وجل القولين بقوله تعالى(رَجْمًا بِالْغَيْبِ) وأتبع قوله تعالى (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) برد العلم إليه تعالى ( قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم ) وبين سبحانه أن هناك من يعلم عدتهم وهم قليل بالنسبة إلى غيرهم (مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : أنا من القليل الذي استثنى اللّه عزَّ وجلَّ، كانوا سبعة، وكذا روي عن عطاء أنه كان يقول: عدتهم سبعة.(١)
( فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاء ظَاهِرًا (
أي واضحا وبينا دون تعمق أو خوض فيما استأثر الله بعلمه.
قال الشوكاني :"وهو أن يقص عليهم ما أوحى الله إليه فحسب"(٢) "
(وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا (
لأن المفتي لابد وأن يكون أعلم من المستفتى " وهاهنا الأمر بالعكس ولا سيما في واقعة أهل الكهف وفيما قص الله عليك في ذلك ما يغنيك عن سؤال من لا علم له ".(٣)
قال الشيخ سعيد حوى رحمه الله :" أي ولا تسأل أحدا من أهل الكتاب، ولا من غيرهم عن قصتهم سؤال متعنت له، حتى يقول شيئا فترد عليه أو تزيف ما عنده، ولا سؤال مسترشد، لأن الله تعالى قد أرشدك بأن أوحى إليك قصتهم.
وهذا من أدب المسلم أن لا يستفتي أحدا من خلق الله غير أهل العلم من المسلمين " (٤).
(٢) - فتح القدير للشوكاني ٣ /٢٧٨ ويراجع التحرير والتنوير ١٣ / ٢٩٤
(٣) - نفس المرجع ٣ / ٢٧٨
(٤) - الأساس في التفسير للشيخ سعيد حوى ٦ / ٣١٧٣