قال المؤلف :( أي بل هو في غاية ما يكون من الجود وذكر اليدين مع كونهم لم يذكروا إلا اليد الواحدة مبالغة في الرد عليهم بإثبات ما يدل على غاية السخاء فان نسبة الجود إلى اليدين ابلغ من نسبته إلى اليد الواحدة وقيل المراد بقوله :( بل يداه مبسوطتان ) نعمة الدنيا الظاهرة ونعمتها الباطنة وقيل نعمة المطر والنبات )(١).
قلت : لا شك أن الله سبحانه بسط فضله وجوده وإحسانه على عباده لكن المصنف رحمه الله تعالى أغفل إثبات صفة اليدين بل وصرفها عن حقيقتها وقد أجمع أهل السنة على القول بما تظافرت على إثبات النصوص من الكتاب والسنة من أن الله يدين على الكيفية اللائقة بجلاله، والكيف مجهول والتثنية هنا إثبات لأنهما يدان وليست يدا واحدة وفي حديث الشفاعة الكبرى :( يا آدم أما ترى الناس ؟ خلقك الله بيديه وأسجد لك ملائكته ) الحديث(٢). فيجب المصير إلى هذا القول وتفسير الآية على هذا المعنى، نعم الجود من لوازم إثبات صفة اليد لكن لا يجوز تفسير الآية باللازم وترك الملزوم ومن القواعد المقررة عند أهل السنة الإيمان بأسماء الله وصفاته و أحكام الصفات.
*المثال الثامن:
الآية (١٨) من سورة الأنعام قوله تعالى: ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ).
قال المؤلف :( معنى ( فوق عباده ) فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم، لا فوقية المكان كما تقول: السلطان فوق رعيته : أي بالمنزلة والرفعة )(٣).

(١) فتح القدير ( ٢/٥٧ )، وانظر أيضاً ( ٢/٥٧ ) ( ٥/٤٨ )
(٢) رواه البخاري في التفسير باب قول الله تعالى ( وعلم آدم الأسماء ) ( ٤/١٦٢٤ )، والرقاق باب صفة الجنة والنار ( ٥/٢٤٠١ )، والتوحيد باب قوله تعالى :( لما خلقت بيدي ) وباب ( كلم الله موسى تكليما ) ( ٦/٢٧٣٠ ) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٣) فتح القدير ( ٢/١٠٤ )


الصفحة التالية
Icon