لكن نفاة علوه سلبوه إكمال... العلو فصار ذا نقصان
حاشاه من إفك النفاة وسلبهم... فله الكمال المطلق الربان(١).
*المثال الحادي عشر:
الآية (٨٨) من سورة القصص قوله تعالى: ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ).
قال المؤلف: ( أي إلا ذاته )(٢).
قلت: إن كان المؤلف يريد تأويل صفة الوجه بالذات وأن الكلام مبني على المجاز فهذا تعطيل واضح فالوجه من صفات الله الحقيقة التي تليق به سبحانه ولا شك أن الوجه يستلزم الذات.
فقول الله تعالى: ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) معناه كل شيء هالك إلا وجهه تعالى أي يبقى وجهه تبارك وتعالى ولا يهلك فيلزم من بقاء وجهه بقاء ذاته فلا يجوز إرادة اللازم ونفي الملزوم فإذا وجد مثل كلام المؤلف في تفسير الآية عند أئمة السنة فهذا هو قصدهم فهم يثبتون ذات الله مع إثبات صفة الوجه بخلاف المعطلة فهم يريدون تأويل الوجه بالذات وقصدهم نفي الصفة.
*المثال الثاني عشر :
الآية (١٠) من سورة فاطر قوله تعالى: ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه).
قال المؤلف: ( أي إلى الله يصعد لا إلى غيره ومعنى صعوده إليه قبوله له أو صعود الكتبة من الملائكة بما يكتبون من الصحف... )(٣).
قلت: غفر الله للمؤلف فليس معنى الصعود القبول بل معناه : أن الكلم الطيب من قراءة وتسبيح و تحميد وتهليل وكل كلام حسن طيب يرفع إلى الله ويعرض عليه ويثنى على صاحبه بين الملأ الأعلى فهذه الآية من اعظم الحجج الدالة على إثبات صفة العلو عند أهل السنة أما المعطلة فانهم يؤولون صعود الكلم بلازم معناه وهو القبول فيجب مع إثبات اللازم إثبات الملزوم. والله اعلم
قال الإمام ابن القيم:
هذا وخامسها صعود كلامنا... بالطيبات إليه و الإحسان

(١) النونية مع شرحها ( ١/٢٠٨ )
(٢) فتح القدير ( ٤/١٨٩ )
(٣) فتح القدير ( ٤/٣٤١ )


الصفحة التالية
Icon