وكلمة ( في ) في هذه الآية بمعنى كلمة ( على ) ؛ فالمعنى : أن الله تعالى على السماء ؛ أي فوق سمواته على عرشه. أو كلمة ( السماء ) بمعنى جهة الفوق والعلو ؛ فالمعنى : أن الله تعالى في جهة العلو ؛ أي أن الله تعالى فوق خلقه عال على عرشه؛ وجهة العلو على هذا أمر عدمي، فلا يلزم في هذا كون الله تعالى في شيء مخلوق، فان الله تعالى بائن من خلقه ليس هو في شيء من خلقه، وهذه الآية من أعظم الحجج القاطعة الدالة على علو الله تعالى على خلقه عند أئمة السنة قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
هذا وتاسعها النصوص بأنه... فوق السماء وذا بلا حسبان
إذ اجمع السلف الكرام بان معناها... كمعنى الفوق بالبرهان
أو أن لفظ سمائه يعني به... نفس العلو المطلق الحقاني
والرب فيه وليس يحصره في المخلوق... شيء عز ذو سلطان.
كل الجهات بأسرها عديمة... في حقه فوقها ببيان(١).
*المثال الخامس عشر :
الآية (٤٢) من سورة القلم في قوله تعالى :( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ).
لقد ساق الشوكاني رحمه الله تعالى في تفسيره الساق أقوال الناس بان المراد شدة الأمر والهول وذكر في الاستشهاد عدة أشعار للعرب، ثم قال :( و سيأتي في آخر البحث ما هو الحق، و إذا جاء نهر الله بطل نهر العقل ) ثم ساق حديث الساق المتفق عليه ثم قال: ( وقد أغنانا الله سبحانه في تفسير هذه الآية بما صح عن رسول الله ﷺ كما عرفت، وذلك لا يستلزم تجسيما ولا تشبيها فليس كمثله شيء.
دعوا كل قول عنه قول محمد... فما أمن في دينه كمخاطر )(٢).
قلت : التحقيق أن الساق في هذه الآية تحتمل معنيين :

(١) النونية مع شرحها ( ١/٢٢٢ )
(٢) فتح القدير ( ٤/٢٧٥-٢٧٨ )


الصفحة التالية
Icon