أما بعد: فإن كتاب التفسير الشهير الموسوم بـ(فتح القدير الجامع بين فني الدراية والرواية من علم التفسير ) للإمام العلامة محمد بن علي الشوكاني- رحمه الله تعالى- هو من التفاسير الشائعة بين طلبة العلم، وهو من الكتب المقرر دراستها في بعض الكليات الشرعية، وهو تفسير عظيم النفع من كل ناحية، ويجد فيه الباحث وطالب العلم بغيته ومراده في الغالب، حيث إن مؤلفه - رحمه الله - مجتهد اجتهاداً مطلقاً، متبحر في كافة العلوم الشرعية، ويعتبر تفسيره هذا أصلاً من أصول التفسير، ومرجعاً مهماً من مراجعه، فهو تفسير جامع بين التفسير بالدراية والتفسير بالرواية، وقد أحسن حيث فسر بالدراية، وتوسع حيث فسر بالرواية وأما عن طريقته في تفسيره هذا فقد بينها حيث قال :(... ووطنت النفس على سلوك طريقة هي بالقبول عند الفحول حقيقة... إلى أن قال : إن غالب المفسرين تفرقوا فريقين، وسلكوا طريقين : الفريق الأول اقتصروا في تفاسيرهم على مجرد الرواية وقنعوا برفع هذه الراية، والفريق الآخر جردوا أنظارهم إلى ما تقتضيه اللغة العربية، وما تفيده العلوم الآلية، ولم يرفعوا إلى الرواية رأسا، وان جاءوا بها لم يصححوا لها أساسا، وكلا الفريقين قد أصاب، و أطال و أطاب... إلى أن قال : وبهذا تعرف أنه لابد من الجمع بين الأمرين، وعدم الاقتصاد على مسلك أحد الفريقين، وهذا هو المقصد الذي وطنت النفس عليه، والمسلك الذي عزمت على سلوكه أن شاء الله مع تعرضي للترجيح بين التفاسير المتعارضة مهما أمكن واتضح لي وجهه، واخذي من بيان المعنى العربي والأعرابي والبياني بأوفر نصيب، والحرص على إيراد ما ثبت من التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الصحابة أو التابعين أو تابعيهم أو الأئمة المعتبرين.....